قسائم الخصم الشرائية وبطاقات جمع النقاط والأميال، وكذلك كوبونات القيمة المضافة، كلها وسائل تعد حديثة إلى حد ما على مجتمعنا في الإمارات، ولكنها أصبحت سريعاً من الضروريات التي تكاد لا تخلو محفظة كل شخص راشد منها، بعد أن أثبتت جدواها في تقليل القيمة الإجمالية لفاتورة مصاريف الفرد أو الأسرة. والحقيقة - وإن كان البعض يدعي عكس ذلك - الجميع يسعى إلى الحصول على أفضل سعر مقابل ما يحصل عليه من سلع وخدمات مهما بلغت قدراته المادية، وهذا حق طبيعي لا يعيب من يفعله. إن السلوك الاقتصادي الرشيد، هو ما يسلكه الفرد ليحصل على أفضل قيمة ممكنة بأقل سعر وبالتالي بأقل ثمن!! كنت قد أشرت كثيراً إلى أن معنى مفردة «ثمن» لا ترادف كلمة «سعر» - على عكس ما يستخدمه أغلب الناس - فسعر السلعة هو المبلغ المالي الذي تدفعه للحصول عليها، غير أن ثمن السلعة أمر آخر متعدد المفاهيم ومتشعب، بعضها متعلق بكلفة السلعة قبل وصولها ليد المستهلك، والثمن الذي سيدفعه الكوكب من موارده التي تتحول إلى مواد أولية لصناعة السلعة، إضافة إلى الثمن الآخر الذي سيقدمه الإنسان من جهد ووقت مقابل حصوله على مال يمكنه فيما بعد من دفع سعر السلعة. تبدو هذه المقدمة مملة، وقد يعتقدها البعض أشبه بمصطلحات الاقتصاد في كتب الدراسة، فما أصبح يهم الناس الآن هو المال الذي سيخرج من جهاز السحب الآلي وما سنحصل فيما بعد عليه، بناء على ذلك. المثير هو عدم إعارة الاهتمام للجهد والوقت وما فيهما من أرق وعرق وتنازلات يجب أن يدفعها الفرد، والتي عليها تتوقف كل العملية. إن قيمة ذلك وأهميته تبدو كالشمس التي يعرفها الجميع، إلا أن لا أحد يشير إليها، وكأنها شيء مخجل يجب عدم ذكره أمام أبنائنا الذين نوهمهم زيفاً أننا في أعمالنا مرفهون، لا نجهد ولا نتوتر ولا نتألم، ولا نضحي بأوقات جميلة كان يمكن أن تسعدنا أكثر لو قضيناها بلا مسؤولية. عندما نعطي ما نبذله في أعمالنا من طاقة جسدية ونفسية ذاك القدر المستحق، ونحكي عنها أمام أبنائنا بجد وفخر، وقتها سندرك تماماً أهمية السلوك الاقتصادي الرشيد، لأنه الدليل الذي نقدمه لأنفسنا ولأبنائنا بأننا اجتهدنا وتعبنا جداً.. وما نحصل عليه مقابل ذلك يجب أن يكون محل تقدير.