التواصل الاجتماعي
بعض المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي يعتقدون أنهم يستطيعون أن يحلوا محل الإعلام التقليدي، وصاروا يتنافسون على تحقيق السبق الصحفي في نشر الخبر أولا، وأحيانا كثيرة قبل التأكد من صدقية الخبر، وأهميته، وتحري الأمانة في نقل المعلومة في أي مجتمع من المجتمعات. وينتسب لمواقع التواصل الاجتماعي فئات مختلفة وشرائح متنوعة من المجتمع، بأعمار وأجناس ومستويات تعليمية وثقافية مختلفة، وللأمانة البعض يفيدك بحكمة ما أو يقدم لك معلومات جيدة، والبعض يكون ناقلا جيدا من بعض الحكماء والكتاب والشعراء.
ولكن هناك مغردين آخرين لا يعرفون كل ذلك، ولا يدركون أهمية ذلك، فالأهم عندهم هو عدد المشاركات وعدد المتابعين، وقد تكون مشاركاتهم مجرد كتابة عبارة “صباح الخير”، وصاح وناح عليها، ساعيا لتوصيل عدد مشاركاته للآلاف، حتى يقول: “أنا كاتب كبير”. والبعض يتبادل التهاني بمناسبة ما فيصل عدد مشاركاته إلى ألف تغريدة، وأحيانا ينسخها ويرسلها للمتابعين. ويكتب لهم “باركوا لي الآن تجاوزت التغريدة الـ 1000”.
مشاركات ومنافسات وسب وشتم وتحقير وتنفير وتفريق... ذلك لا ينبغي أن يطلق عليه مواقع التواصل الاجتماعي، بل لا بد من إيجاد تسمية أخرى له تليق بالدور الذي تلعبه والذي توصلنا إليه من انحطاط، فالمشاركات التي تخرج لنا بالسلبيات لا ينبغي أن نطلق عليها تواصل أبداً.
تلك المواقع وجدت من أجل التواصل الاجتماعي وليس الاتصال الإعلامي، وهنا فرق كبير وشاسع بين الإعلاميين والمغردين، ولا سبيل للمقارنة بينهم، حتى وإن كان الثاني يعمل على نشر الخبر أيضا، ولكنهما لا يستويان أبداً.
بين الحين والآخر تخرج إلينا تقليعة جديدة، فينهال عليها الصغار والكبار، هذا مجربا وذلك مادحا وآخر محذرا، ولا تمر سوى فترة محدودة حتى يكتشف المرء أنها تجربة أقل من عادية، وتكون تلك الموضة اندثرت وصارت في عداد الأمور التقليدية، فمن منا يقوم باستخدام “الشات” الآن لنظرنا إليه بنظرات الرجعية والتقليد، وأقول للمغردين الذين يعيشون “الوهم” لا تتباهوا بأعداد مشاركاتكم ولا بأعداد متابعيكم فكل ذلك سيكون بعد فترة لا قيمة له، إن لم تكسبوا محبة الناس ونشرتم الفضائل بينهم.
المتابع للمواقع التواصل الاجتماعي يجدها مليئة بالغث والسمين، إلا ما ندر منها، ويجد فيها الفتن ومن يدعو لنشر فكر دخيل علينا، أو يدعونا للباطل، أو يحاول تضليلنا أو تفريقنا أو العبث بمعتقداتنا وأعرافنا الأصيلة لأسباب دنيئة، لا ضير فأحيانا بعض الأمراض في الجسم السليم تقوي مناعته، وتجعله يتماسك أكثر وأكثر، وتجعلنا نقف وقفة رجل واحد ضد كل من يمس ولاءنا لقيادتنا الرشيدة، حفظها الله من كل مكروه.
halkaabi@alittihad.ae