الاتحاد التعاوني ممثلا في الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، نجح في أن يفرض نفسه، ويؤكد حضوره منذ اللحظة التي قرر فيها مواجهة القائمة السوداء، ورفض الرضوخ لفئة التجار الذين غابت ضمائرهم وتفاقم جشعهم·· نجح بتفوق عندما قرر مقاطعة موردي القائمة السوداء، ونجح عندما قرر تثبيت أسعار 120 سلعة استهلاكية أساسية·· ونجح عندما أكد أن مواجهة الجشع ليست مستحيلة، وأن البدائل موجودة وأن أي محاولة لرفع الأسعار ليس لها ما يبررها لا اقتصاديا ولا اجتماعيا يمكن التصدي لها·
الاتحاد التعاوني عندما تمسك بمبررات وجوده، عندما رفض الخضوع لأي محاولات من شأنها استغلال المستهلك برفع الأسعار غير المبرر، وقع شهادة ميلاده الحقيقي بالنسبة للمستهلك، الذي كان يتعامل مع الجمعيات التعاونية باعتبارها 'سوبر ماركت' كبير دون أن يشغل نفسه بالرسالة والأهداف·· ولكن هل نكتفي بما حققته الجمعيات التعاونية حتى الآن؟·· الحقيقة المؤكدة هي أن اليد الواحدة لا تصفق، ويد الاتحاد التعاوني وحدها لن تكون كافية لمواجهة الهجمة الشرسة لتجار القائمة السوداء والذين ضن علينا الاتحاد التعاوني حتى الآن بأسمائهم وأصر على إخفائها، وكأنه عن غير قصد يسهم في حمايتهم، رغم أن بعضهم طالب برفع أسعار السلع التي يحتكرها إلى مائة بالمائة، بالتمام والكمال ليلتهم ليس فقط مكرمة صاحب السمو رئيس الدولة 'حفظه الله ورعاه' ولكن أيضا كل العلاوات الدورية والاستثنائية وبأثر رجعي·
نقول: إن يد الاتحاد التعاوني وحدها لن تصفق، فموردو القائمة السوداء لن يعدموا الوسيلة لإملاء شروطهم، وإذا كانت سلعهم لن تعرض في الجمعيات التعاونية·· فماذا عن عشرات الآلاف من محال البقالة والسوبر ماركت وعشرات الآلاف من محال السلع الاستهلاكية الأخرى؟·· هل تستطيع هذه المنشآت الصغيرة، مواجهة جشع وشراسة موردي القائمة السوداء؟·· الإجابة معروفة والنتيجة أيضا·
لقد أثبتت أحداث الأيام القليلة الماضية أن أسواقنا تفتقر إلى الانضباط ، وأن الوكلاء المستغلين لا تعنيهم فرق المراقبة وحملات التفتيش·· لأنه لا يوجد لدينا قانون يجرم المبالغة في رفع الأسعار أو الاستغلال، ولأنه لا توجد لدينا آلية تسمح بفرض غرامات أو توجيه إنذارات أو إغلاق منشآت بسبب التلاعب في الأسعار·
المطلوب مراجعة شاملة لكل التشريعات التي تحكم سوق تجارة السلع الاستهلاكية ووضع الآليات التي تمكننا من التعامل بحزم مع كل قائمة سوداء تعكر حياتنا·