هدية الجماهير
لطالما اشتكت ملاعب الكرة في الإمارات من عزوف الجماهير وعدم تجاوبها مع المباريات المحلية، على الرغم من أن فئة كبيرة من هذه الجماهير على أتم الاستعداد لكي تضرب أكباد الإبل، وتبذل الغالي والنفيس لكي تقطع آلاف الكيلومترات في التنقل عبر الأجواء من أجل حضور مباراة في إحدى البطولات الأوروبية.
وهناك أكثر من سبب يدعو هذه الجماهير للعزوف، ولعل أهمها تذبذب المستويات الفنية في المسابقات المحلية، والمتفرج الذي سيقتطع أكثر من ساعتين في يومه لابد أنه سيفعل ذلك من أجل متابعة عرض يستحق المشاهدة، بطريقة لا تجعله يضرب كفاً بكف حسرة على ذلك الوقت المهدر، والذي كان يستطيع أن يستغله في عمل قد يجني من ورائه المتعة والفائدة.
ومن الأسباب التي تمنع الجماهير الحضور إلى الملاعب تدني مستوى الخدمات المقدمة لهذه الجماهير في الملاعب والمضايقات التي تتعرض لها من قبل العديد من العناصر التي تمر عليها قبل أن تتخذ مواقعها في المدرجات، إضافة إلى قائمة المحظورات المطولة، ما يجعل المشجع يشعر أنه شخص غير مرحب به في الملاعب.
ومن الأسباب الجوهرية لغياب هذه الجماهير حالة الطقس ،وخصوصاً عندما تكون حارة ومشبعة بالرطوبة، ويتصبب المشجع عرقاً، وهو جالس على تلك الكراسي المغطاة بالأتربة والغبار، بينما يشاهد على مقربة منه تلك الشخصيات المهمة أو أولئك الناس الذين يعرفون بعض الشخصيات المهمة، ويجلسون في المقصورة الرئيسية على تلك المقاعد الوثيرة، ويحظون بخدمات الضيافة المتنوعة، وأمامهم تلك المراوح الكهربائية التي تعمل على تلطيف الجو بنسبة كبيرة لهؤلاء المحظوظين.
وجاءت أوامر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي بتطوير ستاد نادي الوصل الرياضي، من حيث السعة والتجهيزات الحديثة، وتكييف جميع مناطق جلوس المتفرجين، لتكون بمثابة هدية للجماهير، فضلاً عن إيمان القيادة بأهمية دور هذه الجماهير، وتوفير كافة سبل الراحة لتشجيعها على الحضور.
نعم هكذا يجب أن نبادر لتجاوز العقبات التي تعترضنا، فلا نكتفي بالقول لكن علينا أن نبادر بالفعل، فالجماهير لا تبحث عمن يدفع لها قيمة التذكرة، ولكنها بحاجة إلى من يستمع إلى همومها فيبادر إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل خلق بيئة مناسبة وصحية تزيد من معدلات حضورها، والمشجع بحاجة إلى مثل هذه المبادرات، التي تجعل من وجوده في المدرجات، تجربة رائعة يعيشها فيحرص على تكرارها مرات ومرات.
Rashed.alzaabi@admedia.ae