عندما تحب المرأة، يزهر الكون، وتعشب الأرض، وتخضر الأشجار وتزداد عيون البحار زرقة، وتصير الجبال خدوداً وقدوداً، وتضاريس مخملية مزملة بمهاد وسداد.
عندما تحب المرأة، تغرد الطيور، ويصير للحمام هديل أشبه بالأناشيد الاحتفالية، وتهدي الغزلان عيونها، لغابة الألفة، وتضيع الأغنيات الحالمة، في فيحاء وشهباء، وتشم الأنهار عبق الفصول، ولا يتوقف دفق السماء عن الهطول، وتتطهر الأشياء من خطوب ونائبات.
عندما تحب المرأة، يصير للماء مذاق الزنجبيل، ويصير للندى طعم السلسبيل، تحبل النخلة الهيفاء بعذوق وبروق وسندس واستبرق، وتنيخ النوق سناماً وسهاماً ووساماً، وتصهل الجياد احتشاماً وقياماً، والترتيل خصوبة كونية، بدائية لا نهائية، والهوى يرنو فيدنو، فيحن على العشاق، لتصبح الأشواق الثلج والنار، والملح والسكر، والعذب والأجاج، والامتداد والمداد، والمدى الممتد، في سواحل وكواحل وفواصل ومناهل ومجاهل وكواهل، وتعتنق الصحراء أيديولوجية العطاء، وتعشق السهول مبادئ الاحتواء، وتمتهن الأفئدة قيم الشواطئ الدافئة، وتخرج من بين الصلب والترائب سنبلة الحياة، وتتعانق النجوم، وتحبل الغيوم، وتحلم الكواكب بنور الحي القيوم، وتكبر حبات الرمل، لتصبح وسائد وقصائد وموائد وقلائد ومعابد، وفرائد وصوامع يبتهل ويتبتل في أجوافها العاشقون المدنفون.
الزاخرات بالحب كاسيات بالهوى، غارفات من نوى عازفات في الجوى، مطوقات بأحلام وأجرام، مزخرفات بابتسامات وهامات وقامات، واستقامات مسقوفات بليل النواميس والنواقيس.
الزاخرات بالحب مثريات ثريات، بأخلاق وأشواق وأحداق، ومذاق وأطواق، وشواقٍ وتلاقٍ، ودفق وحذق، وصدق وتوق، ورعد وبرق، وحرق وغرق.
الزاخرات بالحب، نيران تطفئ نيراناً، ونهارات تثمر أشجاناً وسواحل قارات، تضاريسها الخصب والعشب، ورضابها أنهار، وعيونها نجوم زحفت على الأقمار فاختطفت أضواءها، وانعطفت على الشمس، فاستولت على لهيبها، ثم جادت وأفادت عن تصريح تاريخي بأن الأرض مستقر ولا مفر، ودار بلا جدار، وسوار يحيط برسغ الكون، فيسدي إليه نصيحة الاستقرار، والاستمرار في مزيد من الحب، ومزيد من خيال الخصب المنعم.
الزاخرات بالحب، كائنات ملائكية فلكية، ملكية، حاضنات للمثل، ساحرات بقلوب مؤمنة، بأن الحب وحده الذي يصنع حياة إنسانية، لا تعصف بها الرياح، ولا تخسف بها الجراح، ولا يعسف بجدرانها الكلام غير المباح، وهي الشيء الذي يشي بالمضمون بلا مرية، ولا سوء طوية، ولا ريبة ولا رؤى سجية.
الزاخرات بالحب، هن بيوت السكينة الأمينة، الرصينة، المكينة، الرزينة، فلا تجزع من بوح، ولا تفزع من قدح، هن الصروح العالية، هن النواصي الغالية، هن البنية التي على أركانها ينهض المجتمع، وتسمو ثقافته وفكرة نشوته وارتقائه.
marafea@emi.ae