لو حدث·· تصور أن تكون أنت المواطن العربي البسيط، لا لك ولا عليك، تذهب باكراً إلى العمل وتعود راجعاً سريعاً إلى البيت، متطلباتك معروفة وعالمك صغير، ولا تعرف في السوق إلا مشتريات الأولاد وأمهم، وفجأة تكتشف أن لك ابن عم مهاجراً، ولا تعرف سحنة وجهه، وأنه توفي دون وريث، فجاء حظك وخلّف لك 3 كرينات وشاحنتين 6 ويل و باص كبير لنقل الحجاج·
تصور أن تكون مسؤولاً في الحكومة، وكنت في زيارة لدولة أفريقية من التي لا يحبذ كبار المسؤولين زيارتها، وإنما يقتضي العرف الدبلوماسي والعلاقات الثنائية المتبادلة، والتي يصرّ عليها الجانب الأفريقي بشدة أكثر، أن تلبى بعد أن تحدد موعدها لاحقاً أكثر من مرة، وبعد ختام الزيارة، تجد المسؤولين في الدولة المضيفة، وقد أمروا أن تشحن في طائرتك، كهدية رمزية 3 أفيال ووحيد القرن·
تصور لو أنك شاعراً خفيف الوزن، رقيق العبارة، ودعيت لزيارة بلد ثوري، لحضور المهرجان الخطابي العام بمناسبة الجلاء الأجنبي عن البلاد، وطلب منك أن تلقي كلمة، فدبّ الحماس فيك، وألقيت تلك القصيدة العصماء والتي ألهبت حماسة الجماهير الغفيرة والمحتشدة والتي بلا عمل أو مشغلة، وأعجبت الكلمة الزعيم القائد، حارس الثورة ومتبني الطبقة العاملة، فأخذته النشوة، وقام بإهدائك تعبيراً لتعاطفك ووطنيتك، دبابة روسية 52 وأصر أن تشحنها إلى بلدك رمزاً للتضامن بين الشعوب المتطلعة للحرية والإستقلال·
تصور لو أنك رساماً، خطاطاً، برفع الصكار، ودماثة خلقه، ورقته الإنسانية، ولا تعرف من الجوارح ذوات المخلب إلا الريشة فقط، حيث تدرك جيداً ذلك التناغم بينها وبين الألوان، وانسيابية الحروف وتشكلها، وفي إحدى زياراتك لمنطقة الخليج والجزيرة العربية، أبديت إعجاباً بجمال عيون الطيور، وخفقة جناحها، وتلك الريح التي تسافر بها ومعها، فسمع القوم بغرامك وشغفك، فأنتخوا وقاموا بـ تقليط طير عليك من وجري الأحرار و مرفوق أن ترد العطية أو لا تقبل الهدية، وبعدها·· حلف عليك يمين بالطلاق أن ترافق القوم في رحلة القنص، ومطلوب منك الصيد·