من الصعب الحديث عن التطوير السياحي في الدولة دون النظر إلى الآثار السلبية التي تعاني منها السياحة، فالسياحة في بلادنا معذورة لأن المرشد السياحي الذي يقود الزائر، والذي يعتبر أول من يتلقف هذا الزائر حاقد على البلد، ولا نغالي إذا قلنا إنه عدو للسياحة، بل إن نفرا من هؤلاء المرشدين يعتبرون السياحة رجساً من عمل الشيطان·
وللأسف الشديد فإن هذه الصورة ليست خافية على أحد إذ بمجرد وصولك المطار أي مطار في الدولة لا تجد سوى هذا المرشد الجاهل سائق التاكسي الذي لا يعرف معنى السياحة ولا دورها في النهوض بالاقتصاد الوطني ولا مردودها الاقتصادي أو غيرها من الآثار الايجابية للسياحة المحلية·
ومن سوء الحظ فإن كل ما يعرفه سائق التاكسي الذي يمثل النافذة الأولى التي يطل منها الزائر على نهضتنا الحضارية هو تلك الصور المؤلمة والتي يقدم حاله فيها للسائح على أنه أي السائق كان من علية القوم في بلاده، ولكن جار عليه الزمن وهو في أسوأ الأحوال كان باشا أو خان من أصحاب رؤوس الأموال وجاء هنا إلى الدولة بعد أن التهمت الحرب ثروات بلاده، وهي البلاد الغنية التي تآمرت عليها قوى الغرب والشرق حتى تسيطر على ثرواتها، ولم يجد المسكين مفراً من الهرب من هذه الحروب الا لبلادنا·
إلى هنا والأمور تعتبر مقبولة حتى لو قدم سائق التاكسي نفسه للآخرين على أنه أحد أصدقاء الفريد نوبل ، ولكن يظل هذا المرشد السيىء ينفث سمومه طوال الطريق من المطار إلى وسط البلد ويكرر هذه الاسطوانة المشروخة صديق أنا يشتغل 24 ساعة يومياً بدون نوم وما يحصل في الشهر إلا على 1500 روبية·· كفيل أرباب مال تاكسي يأخذ ثلاثة آلاف شهرياً·
وهكذا يستمر سائق التاكسي في نفث سمومه منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدم المسكين الزائر سيارته، ولا يتوقف عند هذا الحد بل يتحف السائح من فيض الكلام في الدين والسياسة والعلاقات الدولية ولا بأس من الحديث بلسان الخبير عن عدد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وباختصار شديد قبل أن يضع السائح حقيبته في بهو الفندق يكون لزاماً عليه الذهاب للحمام للتقيؤ مرتين: الأولى لسوء حظه الذي قاده لهذا السائق اللعين، والثانية للرائحة النتنة في التاكسي والتي تشبه رائحة حظائر الحيوانات في مجاهل القارة السوداء·
وفي كل دول العالم يعتبر سائق التاكسي من الركائز التي يحرص مسؤولو السياحة على النهوض بها فلا يسمح بالعمل في نقل الركاب من المطار إلا لفئة من السائقين المدربين سياحياً وأمنياً وخلقياً لأنهم واجهة البلد، ومن لا يصدق ذلك يأخذ تاكسي من المطار ويخبر السائق أنها المرة الأولى التي يزور فيها الإمارات وسيسمع عجباً، وعليه العوض·