يرتكز محور اقتراح الرئيس جو بايدن لإصلاح نظام الهجرة على مسار مدته ثماني سنوات للحصول على الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين. سيكون هذا هو أجرأ عفو منذ أن وقع رونالد ريجان قانون إصلاح ومراقبة الهجرة عام 1986. ومن المحتمل أيضاً أن يثير نفس الخشية: أن تتحمس موجات جديدة من المهاجرين لعبور حدودنا الجنوبية بشكل غير قانوني على أمل الحصول على الوضع الشرعي في المستقبل.
وخلصت معظم الدراسات إلى أن حوالي 11 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون في الولايات المتحدة، ويجادل البعض بأن هناك ضعف هذا العدد. لكن ما تتفق عليه جميع الدراسات هو أن عدد السكان غير الرسميين ينخفض منذ عام 2007.
سيكون لدى النقاد والمتشككين في طريق بايدن إلى المواطنة سؤال واحد كبير: هل سيؤدي العفو إلى عكس هذا الاتجاه؟ هل ستمتلئ الولايات المتحدة مرة أخرى بملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين يعتقدون أنهم سيحصلون في النهاية على عفو خاص بهم؟ ألن يؤدي ذلك إلى عودة الولايات المتحدة من حيث بدأت، مع وجود عدد كبير من السكان مجبرين على العيش بشكل فعال تحت الأرض، وعرضة للاستغلال من قبل أرباب العمل الذين يتجاهلون قوانين العمل؟
غالباً ما كانت حملة ريجان لإضفاء الشرعية تواجه هذا الاتهام. وفي الواقع، ربما لم يحدث ذلك. ارتفعت الهجرة غير الشرعية لفترة وجيزة في عام 1986، لكنها تراجعت بعد ذلك بشكل متواضع لعدة سنوات قبل أن تستأنف صعودها في أواخر التسعينيات. وخلص الباحثون بشكل عام إلى أن إصلاح ريجان، أدى في الواقع إلى خفض الهجرة غير الشرعية بشكل متواضع.
عند التفكير، ليس من المنطقي أن تجذب برامج التقنين هذه موجة من المهاجرين الجدد غير الشرعيين. إذا تم تمرير مشروع قانون بايدن هذا العام، فسيكون قد مر 34 عاماً على آخر عفو. مَن الذي سينتقل إلى بلد لينتظر احتمال العيش تحت الأرض والعمل في وظائف رديئة، فقط من أجل فرصة البدء في طريق المواطنة بعد حوالي 30 عاماً؟
في الواقع، هناك أسباب أكبر للقول بأن عفواً جديداً لن يجلب تدفقاً للناس عبر الحدود. الأول هو أن المكسيك -المصدر الرئيسي تاريخياً للمهاجرين غير الشرعيين- لديها معدل خصوبة أقل بكثير الآن. عندما منح ريجان العفو، كانت المرأة المكسيكية النموذجية تتوقع أن تنجب أربعة أطفال على مدار حياتها. الآن انخفض هذا العدد إلى حوالي اثنين، ما يعني إرسال عدد أقل من الأشخاص إلى الشمال بحثاً عن عمل. وهذا يعني أن المكسيكيين الشباب سيحتاجون إلى البقاء في المنزل لرعاية الوالدين المسنين وتولي الأعمال التجارية العائلية.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبح اقتصاد المكسيك الآن أكثر ثراءً مما كان عليه في عهد ريجان. ومن حيث تكافؤ القوة الشرائية، يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 20,000 دولار، أي ما يقرب من نصف المعدل في الولايات المتحدة. ولا تعد المكسيك دولة متقدمة تماماً بعد، لكنها لم تعد فقيرة أيضاً، وقد تجاوزت النقطة التي تميل فيها الهجرة إلى الانخفاض.
لذلك فإن ضغط الهجرة من المكسيك آخذ في التناقص. لكن الظروف في الولايات المتحدة تغيرت أيضاً. فوظائف البناء التي كان يعمل بها العديد من المهاجرين غير الشرعيين في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين باتت أقل بكثير. والمبادرات المتعددة لتعزيز تأمين الحدود جعلت عبور الحدود أكثر صعوبة. وحرم قانون إصلاح الرعاية الاجتماعية الذي أصدره بيل كلينتون عام 1996 المهاجرين غير الشرعيين من العديد من المزايا الحكومية. وهذا بالإضافة إلى إنشاء وكالة مخصصة للهجرة والجمارك، وجهاز أكثر صرامة في تطبيق ضوابط الهجرة الداخلية.
لذا، بينما كان المكسيكيون في أيام ريجان يتطلعون إلى الشمال وقد رأوا أرضاً مرحبةً من الفرص عبر حدود غير خاضعة للحراسة بشكل عام، تبدو أميركا اليوم وكأنها بلد أكثر حظراً.
هذا هو السبب في أن المصدر الوحيد المهم للمهاجرين الذين يعبرون الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك هو الآن مجموعة من دول أميركا الوسطى التي تعاني الفقر وانتشار العنف، مثل هندوراس وجواتيمالا والسلفادور. هذه هي مصادر «قوافل» طالبي اللجوء التي تتصدر عناوين الصحف بشكل دوري، والتي عمل ترامب بجد لإيقافها. فالهجرة غير الشرعية من أميركا الوسطى متواضعة إلى حد ما، لكنها موجودة:
ومن المحتمل أن يشجع برنامج بايدن لتقنين الهجرة المزيدَ من القوافل من أميركا الوسطى، لكن هذا يبدو غير مرجح. إن أمل هؤلاء الأشخاص أولا وقبل كل شيء في الهجرة إلى الولايات المتحدة هو الحصول على حق اللجوء، وليس الهجرة غير الشرعية، والعفو لا يؤثر على عملية اللجوء. وفي الوقت نفسه، تنخفض معدلات الخصوبة في بلدان أميركا الوسطى أيضاً، بينما تنمو اقتصاداتُها. وجميع العوامل التي تجعل من الولايات المتحدة وجهةً أقل جاذبية مما كانت عليه قبل 20 عاماً تنطبق أيضاً على سكان أميركا الوسطى.
لذلك من غير المحتمل أن يجلب عفو بايدن طوفاناً جديداً من الهجرة غير الشرعية. باستثناء حدوث كارثة مناخية أو كارثة أخرى تخلق أعداداً كبيرة من اللاجئين.
لذلك فالناس الآن، وببساطة شديدة، لديهم أسباب أقل بكثير لعبور الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مقارنة بالماضي.

*أستاذ مساعد للمالية العامة بجامعة ستوني بروك 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»