إن ظروف جائحة كورونا التي لفت وتلف العالم كله، من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، والتي لم تستثن مجتمعاً ولا بلداً على وجه البسيطة.. أوجدت الظروف التي تفرض على العالم أن يتكاتف تحت راية واحدة، وفي إطار منظمات عالمية ذات مصداقية عالية، وذلك بالنظر إلى أداء منظمة الصحة العالمية الحالية، والتي كان أداؤها موضع انتقادات عديدة، حيث قيل إنها لم تتعامل مع الوباء كما يجب وكما تقتضيه متطلبات المنظومة الصحية العالمية. ومن ثم فقد ساهمت المنظمة، كما يقول منتقدوها، في إدخال العالم ظروفاً صحية لم يشهدها على مر التاريخ.

وعلى الرغم من أن الوقت ليس مناسباً لمحاسبة هذه المنظمة، فإن الجهود يتوجب أن تتكاتف، وأن يكون القرار أكثر جماعية وتشاركية بالقياس إلى القرار الحالي الذي يقف عند مجموعة دول محددة فقط.. وعندها ستكون هذه الجهود أكثر صدقية وصرامة تجاه الوباء الحالي.

ويفترض في المنظمة أن تكون لها سلطة حقيقية على الدول التي تخالف القوانين الصحية المرعية في هذا الصدد، لتجنب إدخال العالم نفق الجائحة التي مثلت كارثة للبشرية كلها، وأدت إلى توقف العالم وتعطل اقتصاداته، وما نتج عن ذلك من خسائر تقدّر بتريليونات الدولارات، مما كان له الأثر السلبي الواسع على العالم أكثر من أي أزمة عالمية سابقة، بما في ذلك أزمة وول ستريت في الربع الأول من القرن التاسع عشر.

كما تجاوزت أيضاً أزمة السوق المالية العالمية والانهيار الكبير للبورصات عام 2008. وكان يتوجب أن يتوفر التعاون بمفهومه الحقيقي والجاد أكثر من أي وقت مضى، وذلك بالنظر إلى أن خطر الجائحة يتهدد جميع سكان كوكب الأرض، ولن يستثني أياً كان من أضراره.

إنه يفرض مصيراً مشتركاً للبشرية، فإن نجحت في مواجهته من خلال مجموعة من القرارات والإجراءات المشددة، فستستطيع محاصرته وإبقاءه ضمن حدود ضيقة، وإن لم تستطع فسوف تتصاعد وتيرة انتشار الجائحة ولن يكون معها من السهل مواجهة الأخطار الكثيرة، نظراً لنشوء ما يعرف بالتحورات الوراثية للفيروس وظهور نُسخ جديدة منه تصعب السيطرة عليها، وربما تُدخِل العالمَ في آتون حرب فيروسات أسوأ وأشرس من أي حرب أخرى عرفتها الكرة الأرضية.. وهي حرب قد تشل حركة العالم وتدخله في ظروف جديدة تماماً.

إن الموضوع جد خطير، مما يفرض تكاتف وتعاون المجتمع الدولي بأكمله لصب جهوده نحو الاهتمام بتحسين المنظومة الصحية وعقد اللقاءات الدورية للوقوف على مراحل تطور الفيروس ومواصلة جهود مواجهته بالتعاون المشترك لدول المجتمع العالمي كافة. إنها مواجهة مصيرية بالنسبة للجميع. ما نريد قوله هنا هو أن دول العالم أجمع مطالبة بتوحيد الجهود لإنجاح المنظومة الصحية ودعمها لمواجهة ظروف الوباء الحالي والأوبئة القادمة.

*كاتب كويتي