عندما تطمح دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن تصبح الأفضل على المستوى العالمي، فإنها تكون على دراية بأن هذا الطموح سيتحول إلى حقيقة، لارتباطه بمؤشرات على الأرض تؤكد أن الوصول إلى أهدافها الاستراتيجية أمر ليس مستحيلاً. فالشواهد كثيرة على ذلك، وآخرها الإنجاز المتمثّل في إتمام عملية ربط الوحدة الثانية من محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية بشبكة الكهرباء الرئيسية للدولة، وإنتاج أول ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة من ثانية المحطات، بعد ما يقرب من خمسة أشهر من بدء التشغيل التجاري للوحدة الأولى.

محطات «براكة» الأربع للطاقة النووية السلمية، التي توجد في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، كانت ذات يوم مجرد طموح لولوج الدولة وسكانها مستقبلاً آمناً ومستداماً، لكنها تحولت اليوم إلى حقيقة جعلت من الإمارات الدولة الأولى عربيّاً في امتلاك مشروع للطاقة النووية متعدد المحطات في مرحلة التشغيل، وهو ما جاء بفضل الله أولاً، ثم بفضل توجيهات القيادة الرشيدة واستشرافها المستقبل، وإصرارها على تحقيق بصمة عالمية في القطاعات كافة، وعلى رأسها قطاع الطاقة النظيفة. لقد مرّ تحوّل الدولة من الاعتماد الكلّي على الطاقة التقليدية، إلى طاقة نظيفة وصديقة للبيئة، بالعديد من المراحل التي بُذلت فيها جهودٌ نوعية في مجال دراسة الجدوى، إلى أن تم تشييد مشروع محطات «براكة» الأربع، مع الاستعانة بخبرات عالمية في هذا المجال، وإعداد جيل من الشابات والشباب المواطنين، الذين حصلوا على أفضل المعارف والبرامج التدريبية في حقل الطاقة النووية، وامتلكوا على إثرها خبرات ومهارات أهّلتهم ليكونوا فاعلين رئيسيين في إنتاج الطاقة النووية السلمية بشكل خاص، وفي أهداف الدولة الاستراتيجية بشكل عام.

إن الإنجازات الكبرى التي حققتها الدولة في مجال الطاقة النووية، كانت مرتبطة بشكل كبير بأهداف الدولة الرامية إلى حماية البيئة، والتزاماتها الدولية في مجالات تحديات التغيّر المناخي، وإيمانها بأن الأجيال القادمة مقبلة على تحديات مرتبطة بالطبيعة، ما لم يتم العمل على تقليص الأضرار الناجمة عن مصادر الطاقة التقليدية.

كما يأتي إصرار الدولة على تسريع التحوّل إلى الطاقة المتجددة في سياق تركيزها على تنويع مصادر الطاقة، وزيادة الاعتماد على المصادر النظيفة منها، في مواصلة لتعزيز مسيرة النمو الاقتصادي، وتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، التي تتطلع إلى حماية الأفراد والمجتمعات، وتأمين احتياجاتهم الإنسانية كأولوية أولى، يليه ترسيخ المكانة الريادية للدولة في قطاع الطاقة على المستويين الإقليمي والدولي، ودعم مسيرتها في التميز في شتى الميادين عالميّاً.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.