يوم الشهيد، مرّ علينا قبل 6 أيام، وله حصة في الوجدان، ومعظم الدول - إنْ لم أجزمْ وأقول كلها - تحتفي بهذا اليوم، فتُكرم أرواح شهدائها لتبقى ذكراهم حاضرة ودائمة عند الجميع. ومع ذلك أتمنى السلامة لكل أفراد قواتنا المسلحة في كل مهامهم داخلياً وخارجياً، إذ ليس من السهل على الإطلاق خسارة أي روح من أرواح أبنائنا. وكلي أمل أن تستقر الأوضاع في مناطق الصراع حول العالم اليوم قبل الغد، فيكون ذلك بشارة خير لعام قادم أفضل.

على صعيد آخر تابعت مؤخراً فعاليات منتدى (حوار المنامة 2021) وهو المعني بقضايا الأمن في المنطقة، حيث بحث المجتمعون فيه أحوال الشرق الأوسط، وبحثوا سبل تهدئة الأوضاع في الملفات الساخنة على امتداد تلك المنطقة المهمة من العالم. المشاركون في المنتدى شددوا على ضرورة العمل المشترك وأهميته من أجل حماية أمن المنطقة، وفرض السلام فيها، وتعزيز القدرات الجماعية في مواجهة أي خطر محتمل.
منذ فترة والهواجس تكبر بشأن ما يتردد عن عزم الإدارة الأميركية الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وإعادة صياغة استراتيجيتها بهذا الشأن. لكن ما ورد في مؤتمر المنامة على لسان منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، «بريت ماكجورك»، يشير إلى عكس ما يُشاع. فقد جدد «ماكجورك» تأكيده على أن الولايات المتحدة لن تغادر المنطقة حين قال في كلمته (اسمحوا لي أن أكون واضحاً، الولايات المتحدة لن تغادر الشرق الأوسط، ولن تذهب إلى أي مكان). 

وتصريح «ماكجورك»، هذا إنما يأتي في سياق التأكيدات الأميركية بالنسبة لهذا الأمر، والتي سبق وأن أشارت إليها في شهر أغسطس الماضي كل من نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الأمن الإقليمي «ميرا ريسنيك»، ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط «دانا سترول»، فقد أكدتا في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في الكونجرس على دعم أمن شركاء الولايات المتحدة في المنطقة رسمياً، عبر الاتفاقيات الأمنية، أو الدعم اللوجستي والتدريب، وغير ذلك مما يمكن أن يندرج تحت بند الدعم هذا، والذي يعتبر جزءاً مهماً للغاية لاستراتيجية واشنطن والتي تشمل منطقة الشرق الأوسط.
في منتدى المنامة الذي استقطب أكثر من 40 وفداً من مختلف دول العالم، بينهم نحو 300 مسؤول بين وزراء خارجية ووزراء دفاع وقيادات أجهزة أمنية ومفكرين وباحثين، وددت لو أن أحد المتحدثين في المؤتمر أشار إلى مسألة لا شك أنها واضحة ومعلومة للجميع، وذلك بأن الولايات المتحدة تتحرك بناء على ما تتطلبه مصالحها، مع العلم أن أمن دول المنطقة ككل تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على زعماء تلك الدول. وهو ما سبق ونوّه إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في (مؤتمر مكة 2019)، حيث قال (إن استقرار المنطقة يمثل مصلحة عالمية نظراً لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للعالم، لكن المسؤولية الكبرى عن ضمان أمن المنطقة واستقرارها تقع على كاهل العرب أنفسهم في المقام الأول).