وظفت المؤسسات والجهات والمنظمات العاملة في مجال الصحة العامة، اليوم العالمي للسمع لهذا العام (World Hearing Day)، والذي يحل سنوياً في الثاني من شهر مارس، لإيصال رسالة مختصرة، مفادها أن العناية بحاسة السمع تضمن للمرء التمتع بهذه الحاسة فائقة الأهمية طوال المراحل المختلفة من رحلة الحياة.

فمن خلال ما يطلق عليه «السماع بحرص»، يمكن تجنب ضعف أو فقدان السمع تماماً، والوقاية بالتالي من الإعاقة السمعية، ولذا كان شعار فعاليات اليوم العالمي للسمع هذا العام، هو «استمع بحرص لتظل تسمع مدى الحياة». ويعرف ضعف أو فقدان السمع بأنه الحالة التي يعجز فيها الشخص عن السمع بنفس الدقة والجودة التي يتمتع بها الشخص الطبيعي، عند حد أدني 20 ديسيبل أو أكثر في الأذنين. ويمكن لضعف السمع أن يكون بسيطاً أو متوسطاً أو شديداً أو شديداً جداً.. في إحدى الأذنين أو كليهما معاً.

وتتعدد الأسباب التي يمكن أن تُفقد الشخصَ سمعَه، ومن أهما العيوب الخَلقية عند الولادة، أو الإصابة في مرحل الطفولة المبكرة، أو التهاب الأذن الوسطى المزمن، أو فقدان السمع نتيجة التعرض للضوضاء الشديدة لفترات طويلة، بالإضافة إلى فقدان السمع المرتبط بالتقدم في العمر، أو نتيجة استخدام بعض الأدوية والعقاقير الطبية التي تسبب ضرراً وتلفاً في الأذن الداخلية.

وتشير أحدث التقديرات إلى أن أكثر من 1.5 مليار إنسان، يعانون حالياً من ضعف أو فقدان السمع، وهو رقم مرشح للزيادة إلى 2.5 مليار بحلول عام 2030. وللأسف، يتعرض الآن أيضاً مليار من المراهقين والشباب لخطر ضعف وفقدان السمع، بسبب استخدام وسائل الترفيه الموسيقية مرتفعة الصوت، أو زيادة مستوى الصوت عند استخدام سماعات الأذن. وبخلاف الثمن الصحي والإنساني، يتسبب ضعف أو فقدان السمع في خسائر اقتصادية للاقتصاد العالمي تقدر بنحو 980 مليار دولار سنوياً. ومؤخراً تزايد الإدراكُ وتعاظم الاهتمامُ بالتأثيرات السلبية لمستوى الضوضاء والتلوث الصوتي، وتَسبُّبُه في العديد من المشاكل الصحية البدنية والعقلية.

فمن ضمن قائمة التأثيرات الصحية السلبية للتلوث الصوتي، نذكر: ضعف السمع، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض شرايين القلب، والتوتر العصبي، واضطرابات النوم، وضعف القدرة على التعلم لدى الأطفال وانخفاض مستوى تحصيلهم الأكاديمي.

وحتى أمراض جهاز المناعة، ومعدلات العيوب الخَلقية، يرى البعض أن التلوث الصوتي مسؤول عن بعضها، وإن كانت الأدلة ما تزال غير قاطعة في هذا المجال.

وعلى صعيد الجوانب السلوكية والنفسية، تؤدي زيادة الضوضاء إلى ارتفاع مستوى التوتر، وزيادة معدلات الحوادث أثناء العمل بسبب فقدان التركيز، مع تفاقم الميول العدوانية والسلوك غير الاجتماعي للأشخاص القاطنين في الأماكن الملوثة بالضوضاء.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية