على حسب آخر تقرير عن الوضع العالمي لمرض الملاريا (World Malaria Report)، أصيب 212 مليون شخص بالمرض، ولقي 429 ألف شخص منهم حتفهم خلال عام 2105 فقط. هذا العدد الضخم من الإصابات والوفيات يقع سنوياً، على الرغم من تراجع معدلات الإصابة بنسبة 21%، وتراجع معدلات الوفيات بنسبة 29%، في الفترة ما بين 2010 و2015.

ففي عام 2012 مثلاً، قتل طفيلي الملاريا 627 ألف شخص، أي تقريبا مرة ونصف عدد الوفيات الحالية، معظمهم من الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء، وإن كانت مناطق أخرى من العالم، مثل قارتي آسيا وأميركا اللاتينية شهدت أيضاً أعداداً كبيرة من الإصابات والوفيات، ولحد ما منطقة الشرق الأوسط والدول الأوروبية.

هذه الحقائق والأرقام، تجعل من الملاريا واحداً من أهم الأمراض التي تعصف بالجنس البشري حالياً، وخصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أن 3.3 مليار شخص حالياً معرضين للإصابة في أي وقت، بعد لدغة واحدة من بعوضة. وهو ما يجعل من اليوم العالمي للملاريا (World Malaria Day)، والذي يحتفى به كل عام في الخامس والعشرين من شهر أبريل، من أهم الفعاليات الصحية الدولية السنوية، وضمن مجموعة قليلة من الفعاليات التي تعترف بها منظمة الصحة العالمية بشكل رسمي.

وترتكز فعاليات هذا العام على فكرة ضرورة توظيف الابتكار، لخفض العبء المرضي للملاريا، ولإنقاذ حياة مئات الآلاف سنوياً. بناء على أنه لا يتوفر حالياً حل واحد سحري، يمكنه أن يرفع عن كاهل الجنس البشري عبء هذا المرض الذي لازمه طوال فترات التاريخ، وربما أثر أحياناً في مجريات هذا التاريخ، بل وترك بصمته على التركيبة الوراثية لإنسان العصر الحديث. وهو ما حدا بمنظمة الصحة العالمية بالمطالبة بزيادة الاستثمار، والاعتماد على الابتكار، لتطوير أسلحة وأساليب جديدة في مواجهة هذا الطفيلي اللعين، مثل سبل أفضل في مكافحة البعوض، وفي وسائل التشخيص، وفي العقاقير والأدوية المستخدمة في العلاج. وربما تحقيق اختراق مفصلي، إذا ما نجح العلماء في تطوير تطعيم فعال.

فحلم تطوير تطعيم فعال ضد الملاريا، لطالما ظل دائماً بعيد المنال، رغم ضخامة الجهود وحجم الاستثمارات المالية على مدار عدة عقود. ويعزى السبب في ذلك، مقارنة مثلاً بتطوير تطعيم ضد فيروس كوفيد-19 خلال بضعة شهور، إلى حقيقة أن طفيلي الملاريا يحتوي على آلاف الجينات الوراثية، مقارنة بفيروس كورونا الذي يحتوي على أقل من 12 جيناً وراثياً، كما أن قدرة مقاومة الجسم لطفيلي الملاريا تحتاج إلى استجابة مناعية شديدة وفائقة القوة. وإن كان مؤخراً، تمكن العلماء من تحقيق بعض الاختراقات في هذا المجال، قد تجعل من هذا الحلم واقعاً في المستقبل القريب.

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.