كنت لا أحب حصص التربية البدنية اليومية في مرحلة التعليم الثانوي، إذ كنتُ رياضياً ضعيفاً. وقد انضممت إلى فريق كرة المضرب، لكني كنت أخسر في كل مباراة ضد خصوم من المدارس الأخرى. وكنت لا أفضل أي شيء على التربية البدنية. العديد من زملاء القسم كانوا يشاطرونني رأيي. لكني لم أدرك إلا مؤخراً أن تحيّزنا ضد التربية البدنية أصبح يحكم نظامنا التعليمي. 
في كتابها الرائع «أنت أفضل معلِّم لنفسك.. إثارة فضول اليافعين وخيالهم وفكرهم»، تقدِّم عالمة الاجتماع كلير نايدر إحصائيات مذهلة. فقبل عقود كانت التربية البدنية هي القاعدة. لكن هذه الأيام، تقول نايدر، فقط 4% في من المدارس الابتدائية، و7% من المدارس الإعدادية، و2% من المدارس الثانوية لديها حصص تربية بدنية يومية طوال السنة الدراسية. و22% من المدارس ليس لديها أي تربية بدنية إطلاقاً.
فماذا حدث؟ كأمة، لم يسبق لنا أبداً أن كنا حريصين جداً على التمرينات الرياضية. ففي أواخر القرن الـ19، كانت برامج التربية البدنية، على سبيل المثال، تستثني الفتيات خشية أن يجعلهن المزيد من العضلات والنزعة التنافسية أشبه بالذكور. وأصبحت التربية البدنية اليومية شائعة بالنسبة لكلا الجنسين بحلول منتصف القرن العشرين، لكن جهود الحزبين لرفع التحصيل الأكاديمي سمح للمناطق التعليمية بتقليص حصص الرياضة أو الاستغناء عنها وادخار المال عبر توظيف عدد أقل من معلمي التربية البدنية. 
وتقول تيري درين، الرئيسة السابقة لمنظمة «شيب أميركا» التي تدعم المحترفين في التربية البدنية والصحة والترفيه والرقص: «عندما تشح الموارد، تكون التربية البدنية من الأشياء الأولى التي تتم التضحية بها». المنظمة تقدِّم التوجيهَ والبحث وتقود جهود الضغط بخصوص القضايا الصحية في الكونجرس. 
وبحلول عام 2007، أفادت مؤسسة روبرت وود جونسون بأن 36% فقط من الأطفال يقومون بساعة واحدة من النشاط البدني في اليوم الموصى بها وأن 30% يشاركون في رياضة بشكل منتظم. 
ومن جانبه، لفت كِن ريد، مدير مشروع إصلاح الرياضة «ليغ أو فانز» («رابطة الأنصار»)، إلى أن «الصنف الثاني من مرض السكري كان يعتبر في الماضي مرضاً خاصاً بالكبار. غير أنه نظراً لأن عدداً متزايداً من الأطفال أصبحوا يعانون من زيادة الوزن والسمنة، ارتفع معدل الإصابة بالمرض بشكل دراماتيكي عند الأطفال والمراهقين». 
كما وجدت الدراسات علاقة إيجابية بين النشاط البدني وكل من الصحة العقلية والتحصيل الأكاديمي. وفي هذا الصدد، قال ريد: «إن الجري الخفيف لمدة 20 دقيقة حول مبنى المدرسة من شأنه أن يحسّن معدلات الاختبارات أكثر من عشرين دقيقة الإضافية من المذاكرة في اللحظات الأخيرة قبل الاختبار». 
وفي الأثناء، ما زالت المدارس تركز على المكاسب الأكاديمية، وقلة قليلة منها من المحتمل أن تخصص مزيداً من الوقت داخل القسم للتمرينات الرياضية. ولهذا، يبدو أن رياضات ما بعد المدرسة هي الأمل الوحيد. أطفالي كانوا في المدرسة الثانوية وفرق ما بعد المدرسة، وأحفادي سيفعلون الشيء نفسه على الأرجح. وهذا ينعكس بشكل جيد على طلبات تسجيلهم في الجامعات ويعزّز فرصهم. لكن ماذا عن الـ70% من طلاب المدارس الثانوية الذين لا يشاركون فيها؟
في كتابها، تقدم نايدر عدة اقتراحات بخصوص ما يستطيع الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً القيام به بمفردهم من أجل تحسين تعليمهم. وفي ما يتعلق بموضوع التربية البدنية، تحثهم نايدر على حشد أصدقائهم وممارسة الضغط على المعلمين ومديري المدارس. وقالت: «تبدأ بالقول إن مهمتك تتمثل في إنقاذ الأرواح، وتحسين الصحة، وتنشيط النشاط الدماغي التربوي»، مضيفةً: «وزيادة احتمالات أن تدفعهم التربية البدنية للأطفال الآن إلى لعب رياضات جماعية لاحقاً حين يكبرون». وأضافت أن الرسائل إلى مسؤولي المدارس ووسائل الإعلام يمكن أيضاً أن تكون ناجحة. 
أعتقد أن الأمر سيتطلب أكثر من ذلك من أجل تشجيع حركة وطنية من أجل مزيد من النشاط البدني، لا سيما بين الأطفال. لكن هناك بعض الطرق. فأنا الآن أقوم بالمشي الطويل بين أحضان الطبيعة أربع مرات في الأسبوع، حاملاً حقيبة ظهر يبلغ وزنها 5.5 كيلوغرام، لأنني أصبحت مدمناً على ضرب كرات صفراء صغيرة. والمرأة التي تزوجتها قبل 55 عاماً تحصل على تمريناتها الرياضية من المشي برفقتي والإشارة إلى الشجيرات التي حطت بها الكرات. 
هل يمكن زرع مثل هذه الهواية في الشباب؟ الواقع أن عباقرة التكنولوجيا مثل الشخص الذي يمتلك صحيفة «ذا واشنطن بوست»، يجدون طرقاً لإثارة اهتمام الناس في كل أنواع العادات اليومية الجديدة. فهل يستطيعون اختراع شيء يجعل تحريك الجسم لا يقاوَم؟ الواقع أن أحفادنا وقعوا في قبضتهم، ولهذا لدي أمل. 
وأياً تكن الأشياء التي سيقوم بها رواد الأعمال هؤلاء، فإنها ينبغي أن تكون متقنةً ومنفذةً بإحكام مثل ساعات الـ«فيت-بيت» التي تسجل بيانات صحية مثل عدد الخطوات التي تمشيها وجودة النوم وغيرها. وإذا كان مدربي قد أقنعني خلال مرحلة المدرسة الثانوية بالاستمرار في الجري، فلا شك أن الأشخاص الأذكياء مثله يستطيعون اجتراح أنشطة جذّابة تفرز التأثير الذي كنا نأمل أن تُفرزه التربية البدنية. غير أنه سيتعين عليهم إيجاد اسم أحسن لها. 

جاي ماثيوز
كاتب وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»