في رحلة البحث عن السلام، نحتاج إلى الإنسان، من أي دين كان، والمسلم على رأس ذلك لأنه مكلف من الرب الديان بأن يكون إنساناً أولاً ثم مسلماً بعد ذلك بعد اختياره للأديان. 
قال الإمام مالك رحمه الله: الجدال في الدين ينشئ المراء، ويذهب بنور العلم من القلب، ويقسي ويورث الضغن. 
هذه الصفات السلبية، إذا اجتمعت على قلب مسلم جعلت منه لا إنسان عندما يجد أمامه إنساناً آخر من أي ملة كان. 
عندما يكون الدين موطن الخلاف بين البشر، فجميع الأديان متفقة على أن جوهر الدين هو الإنسان فهو مركز الكون، والاختلاف يأتي من طرق عبادة الرحمن. 
لو عرجنا على طرح الدين اليهودي، وفكرة الاندماج التي نادى بها رجال دين ومفكرون يهود في القرن الثامن عشر، من خلال طرح شعارات من قبيل (كن يهودياً في بيتك وكن إنساناً خارج بيتك)· وهي تجربة تنويرية داعية إلى الاندماج، لكنها فشلت بسبب رفض الأوروبيين لليهود ووجود تيارات يهودية متعصبة ترفض فكرة الاندماج وربط صلب المسيح باليهود. لا بد من الإدراك العميق للواحدية الأساسية والترابط الداخلي بين كل البشر. من دون هذه الحساسية الشاملة، فإن التحديات المتزايدة التي نواجهها تصبح مزعجة على نحو متزايد.
فإذا طورنا فعلاً الإحساس بالمشتركات الإنسانية للبشر، حينذاك لا يكون هناك أساس للحرب ولا أساس للعنف. فكلنا كائنات بشرية، متساوية، لنا نفس العواطف- لكن ثمة الكثير من التركيز على التفريق بين نحن- وهم. والشعور بأن هذا الشخص مختلف.
ما يفرقنا أشد زيفًا بكثير من العوامل التي نتشاطرها: ورغم الفوارق في العرق، اللغة، الدين، الجنس، فإننا كلنا الشيء ذاته، حين يتعلق الأمر بإنسانيتنا الأساسية.
حين نؤكد على نقاط تشابهنا، يمكننا أن نتعاطف مع بعضنا بعضا عبر الحدود التي تفرقنا، فإنسانيتنا العامة تعني بأن بإمكاننا أن نجد الطرق التي نترابط بها معاً بدلاً من التركيز على اختلافاتنا وفوارقنا.
وفي واقع اليوم لعالم مترابط داخليا، علينا أن نعيش معاً، علينا أن نمضي معاً. من الأفضل أن نعيش بصورة متناغمة، بشكل ودي بدلاً من اتخاذ موقف سلبي، فبقاؤنا على قيد الحياة يتوقف كليا على الآخرين. لذلك إبداء الاهتمام بالآخرين يعود بالمنفعة علينا. 
فلا يمكن تجاوز هذا الحاجز، إلا إذا قدمنا الإنسان على كل انتماءاته الدينية والطائفية وغيرها، فإن كان مسلما فلا بد وأن يكون إنساناً أولاً ثم يصبح ما يريد، وهكذا مع بقية الأديان. 
فالإسلام يقر رابط الأخوة الإنسانية لجميع البشر بلا فواصل ولا قواطع مصطنعة، فقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في نهاية كل صلاة: «... أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة...» رواه أبو داود.
كلنا ولد آدم، فإن لم يوحدنا دين، فإن الإنسانية تجمعنا، فلا مفر منها، وإلا تحول العالم إلى غابة لا تحميها قوانين الغاب الفطرية.

* كاتب إماراتي