يمكن لفيروس كوفيد طويل الأمد (أو ما بعد «كوفيد-19») أن يسلب الناسَ الصحةَ والطاقةَ والتوظيف والفرح. وقد يؤدي أيضاً إلى التخلص من ما يعادل عقوداً من اللياقة الهوائية (اللياقة الهوائية أو التمرين الهوائي هو تمرين بدني يتطلب أن يحرق الجسم جلوكوز الدم عبر الاستعانة بالأكسجين)، وفقاً لمراجعة علمية جديدة واسعة النطاق حول مرضى «كوفيد -19» وممارسة الرياضة.
وقامت الدراسة، التي نشرتها المجلة الطبية الشهرية الأميركية «جاما نتوورك أوبن»، بحصر النتائج المجمعة من عشرات التجارب السابقة لإظهار أن الأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد طويل الأمد لديهم عادة قدرةُ تحمّل أقل ويكتشفون أن ممارسة التمارين الرياضية بالنسبة لهم أصعب بكثير من الأشخاص الآخرين من نفس الأعمار الذين أصيبوا بالفيروس ولكنهم تعافوا.
وتضيف النتائج إلى الأدلة المتزايدة، من كل من التجارب العلمية وتجارب الناس، أن «شيئاً ما يحدث» لدى العديد من الأشخاص الذين يصابون بكوفيد طويل الأمد، مما يجعل التمرين صعباً، إن لم يكن مستحيلا، وفقاً لما ذكره ماثيو دورستينفيلد، طبيب القلب في مستشفى زوكربيرج سان فرانسيسكو العام والأستاذ بجامعة كاليفورنيا، والذي قاد الدراسة الجديدة.
هذا الاحتمال له آثار على المدة التي يتم فيها تشخيص مرض كوفيد طويل الأمد، وعلى صحة ورفاهية المصابين به، بعد شهور أو سنوات من الآن.
يصيب كوفيد طويل الأمد، وهو المسمى الذي يطلق على أعراض المرض المزمنة والمكثفة التي تستمر لأشهر بعد الإصابة بفيروس «كوفيد -19»، ملايين الأميركيين وغيرهم على مستوى العالم. تشير دراسةٌ نُشرت في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى أن واحداً على الأقل من كل 20 شخصاً مصاباً بفيروس كورونا سيصاب بفيروس كورونا لفترة طويلة.
وعادةً ما يتم تشخيص كوفيد طويل الأمد على أساس مجموعة من الأعراض التي تشمل الصداع والتعب وضباب الدماغ وآلام المفاصل وغيرها. كما ذكر العديدُ من الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد أنهم لا يستطيعون ممارسةَ الرياضة أو حتى المشي حول المبنى دون أن يلهثوا أو يشعروا بالإرهاق.
لكن دورستنفيلد قال إن عدم القدرة على أن تكون نشطاً، والمعروفة باسم القدرة على ممارسة التمرينات، لم يتم اعتبارها عرضاً رسمياً لكوفيد طويل الأمد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الأطباء والباحثين اعتقدوا أنه من المحتمل أن تكون بسبب فقدان النشاط والشعور بالإرهاق البدني. أي أنهم اعتقدوا أن قدرةَ الناس على التحمل تراجعت عندما كانوا طريحي الفراش نتيجة لإصابتهم بكوفيد، وأنهم سيستعيدونها بمجرد أن يتركوا فراش المرض ويبدؤوا في التحرك مرة أخرى.
لكن، وفقاً للروايات المتناقلة، لم يستعيد العديد من الأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد-19 لياقتهم البدنية، وفي العام الماضي أو نحو ذلك، بدأت العلوم المنشورة تشير إلى أن أجسامهم استجابت بشكل فريد -وضعيف- للتمرين، وأنهم أثناء ممارسة التمارين، كانوا يشعرون بصعوبة في التنفس وتعب في القلب والعضلات والأنظمة البيولوجية الأخرى أكثر بكثير من الأشخاص الأصحاء.
لكن معظم هذه الدراسات كانت على نطاق صغير، وفي بعض الأحيان شملت مريضاً واحداً، وكانت تركز على أولئك الذين تم إدخالهم إلى المستشفى، غالباً لأسابيع أو أكثر، مما يجعل من الصعب على الباحثين الفصل بين تأثيرات البقاء طريحي الفراش وعدم النشاط عن تأثيرات كوفيد طويل الأمد.
لذلك، وبالنسبة للدراسة الجديدة، فقد قرر دورستنفيلد وزملاؤه تجميع وإعادة تحليل البيانات من جميع الدراسات الحديثة ذات الصلة، لتوفير المزيد من الثقل لأي نتائج من خلال تضمين أكبر عدد ممكن من المرضى. ولتحقيق ذلك، حددوا تسع تجارب تقارن تحمُّل ممارسة التمارين من قبل الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد مع أولئك الذين أصيبوا بالعدوى لكنهم تعافوا. وبدمج بيانات الدراسات، انتهى بهم الأمر بالنتائج لـ464 شخصاً مصاباً بكوفيد طويل الأمد و359 بدونه. كانت هذه المجموعات متشابهة في العمر (بين 39 و56 عاماً)، وقد أكملوا كلُّهم اختباراً سريرياً للياقتهم الهوائية ومعدل ضربات القلب على جهاز المشي أو الدراجة الثابتة، إلى جانب بعض الاختبارات الطبية الإضافية.
ومع ذلك، كانت نتائجهم مختلفة تماماً. وبشكل عام، أظهر أولئك الذين تجاوزوا كوفيد قدرة طبيعية على ممارسة التمارين بالنسبة لأعمارهم. لكن أولئك الذين يعانون من مرض كوفيد طويل الأمد كانت لديهم القدرة على التحمل كما لو أنهم أكبر من أعمارهم الحقيقية بعشر سنوات. وقال دورستينفيلد إن الأشخاص في سن الأربعين من العمر كانوا يركضون أو يقفزون مثل «شخص في الخمسينات من العمر»، نافياً أن تكون هذه ردود فعل فسيولوجية شائعة بعد أن يخرج شخص ما عن شكله الطبيعي بسبب المرض والراحة في الفراش.
ويتفق معه في الرأي علماء آخرون، إذ قال ديفيد سيستروم، طبيب أمراض الرئة في مستشفى بريجهام والنساء في بوسطن وأستاذ الطب بجامعة هارفارد: «أعتقد أن النقطة الرئيسية والصحيحة في هذه المراجعة هي أن عدم التأقلم وحده» ليس هو ما يجعل ممارسةَ التمرين صعبةً للغاية بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد طويل الأمد. وأضاف أن الأشخاص الذين يعانون من كوفيد طويل الأمد ربما يطورون تغيرات جزيئية داخل عضلاتهم وبعض الأعصاب والأوعية الدموية، والتي يمكن أن تؤثر على كيفية تعامل أجسامهم مع المتطلبات البدنية للتمارين الرياضية. تحدث هذه التغييرات والتحديات على الرغم من أن معظم الأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد-19 لا يظهرون أي تشوهات واضحة في الرئة أو القلوب.
ومع ذلك، قال دورستنفيلد إن إحدى النتائج التي توصلت إليها الدراسة الجديدة هي أن عدم تحمل التمارين الرياضية «يجب اعتباره أحدَ أعراض كوفيد طويل الأمد».

جريتشن رينولدز
كاتبة أميركية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست سينديكيت»