يتساءل الكثيرون عن السر الحقيقي وراء المكانة الدولية الرفيعة التي حققتها دولةُ الإمارات وتحولها خلال خمسة عقود من دولة ناشئة إلى دولة فاعلة ومؤثرة وذات أدوار كبرى، تمتد شبكة علاقاتها الدولية مع جميع بلدان العالم؛ تتشارك معهم المصالحَ والمنافعَ، وتتقاسم التحديات والمخاطر، تؤازر العالَم في جهوده الدولية، وتتصدّره في تقديم العون والدعم والمساعدة للدول والشعوب.

خمسة عقود من العمل الإقليمي والدولي أكسبت دولةَ الإمارات ثقةَ العالَم واحترامَه، ومكّنتها من لعب دور هام وفاعل في الكثير من القضايا الدولية، حيث أصبحت قضايا السلام العالمي والتسامح الإنساني والتعايش المجتمعي.. عناوين رئيسية في رحلة الريادة الإماراتية نحو تعزيز المكانة وتعظيم الأثر، عدا عن حرصها على تكريس قيم «الشراكة والتكامل» بين دول العالَم وشعوبه، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للدول وفي تحسين جودة الحياة للمجتمعات.

وانطلقت الدولة في بناء مكانتها الدولية من التزامها بدبلوماسية بناء وتعزيز السلام والاحترام المتبادل، وهو مبدأ اعتمده وسار عليه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال مقولته الخالدة: «إننا نسعى إلى السلام ونحترم حق الجوار ونرعى الصديق»، ليكتمل هذا النهج الحضاري بالرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وما شهدته الدولةُ من تفعيل للأساليب الدبلوماسية والقوة الناعمة، خاصة عبد إصدارها المبادئ العشرة المعنية بتحقيق الريادة العالمية للدولة، ولتكون أساساً للجهود الحكومية، دخلياً وخارجياً، ومرجعاً لجميع مؤسسات الدولة في بناء وتطوير علاقات إقليمية ودولية تحقق مصالحَ الإمارات وتدعم أسس السلام والاستقرار في العالم، وتكرس السعيَ مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الذي يعد محرِّكاً أساسياً للدبلوماسية الإماراتية.

لقد اعتمدت الدبلوماسية الإماراتية بقيادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، على استراتيجية ذات سبعة مرتكزات رئيسية، يمكن اختزالها في الدبلوماسية الإنسانية، والتمثيل الدولي، والدبلوماسية الشعبية، ودبلوماسية العلوم والمعرفة، ودبلوماسية الثقافة والإعلام، ودبلوماسية الاقتصاد، إضافة إلى انطلاقها من الهوية الوطنية والموروث الثقافي للمجتمع الإماراتي.. وهي تستهدف تحقيق المكانة العظيمة للدولة بخططها وبرامجها ومشاريعها الاستراتيجية.

وقد استطاعت وضعَ الإمارات في صدارة دول العالم في العديد من المؤشرات العالمية، حتى باتت محوراً رئيسياً في التفاعلات الدولية والسياسات الأمنية والاستراتيجية وقطباً أساسياً في قضايا الاقتصاد والطاقة، وعاصمةً للسياحة والثقافة العالمية، وأنموذجاً في النمو والتنمية والتقدم المعني بقضايا البيئة والمناخ.

وإلى ذلك فهي تشارك دولَ العالَم في تحمل مسؤولة تعزيز الأمن والسلام في العالم من خلال عضويتها بمجلس الأمن الدولي، وفي تحقيق تطلعات الدول والشعوب بمواقفها الحكيمة وخياراتها المتزنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة إلى مسئوليتها الدولية عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان في العالم من خلال عضويتها في مجلس حقوق الإنسان، وباستضافتها للكثير من الأحداث والفعاليات العالمية المهمة التي تستهدف الخيرَ للعالم والسلامةَ للكوكب والرفاه للشعوب، مثل إكسبوا 2020 دبي وقمة المناخ كوب 28 المقررة نهاية هذا العام.

ومن صور نجاح دبلوماسية الإمارات في بناء علاقاتها وشراكاتها مع ما يقارب مئتين من دول العالم، كونها تستضيف أكثر من خمسة عشر منظمة إقليمية ودولية، وتحتضن أزيد من مائة وثمانين سفارة وقنصلية لدول شقيقة وصديقة، كما تتمركز بعثاتُها وسفاراتها في أكثر من ثمانين عاصمة عالمية تعمل على تعزيز مكانة دولة الإمارات وتعظيم أثرها.. فهي دولة استهدفت الريادةَ دوماً وسعت دائماً وأبداً إلى القمة.

*كاتبة إماراتية