قلَّما يُخلِّد التاريخُ شخصيةً ذات تأثير لا تزال مستمرة في الواقع إلى ما بعد وفاتها، مثلما فعل تاريخُنا المعاصر مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المؤسس وصاحب اللبنة الأولى في بناء مسيرة دولة الإمارات ونهضتها الزاهرة.

فالشيخ زايد لم يقم ببناء وطن لديه كافة مقومات الحياة العصرية من تشريعات وقوانين وبنية تحتية فحسب، بل كان اهتمامه الأول والأخير مُنصباً على بناء المواطن المتسلح بالعلم والثقافة والمهنة والخبرة والمتطلع دوماً إلى تحقيق المزيد من الإنجازات، وهذا ما تحصده الإمارات منذ الغرس الأول على يد المؤسس في عام 1971. ولا يتسع المجال هنا لسرد كافة إنجازات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولكن نذكر بعضها للتدليل على قيادته ورؤيته الاستشرافية بعيدة المدى.

وقد كان إنجازه الخالد حمْلَ لواء الاتحاد بيد والكرم والعطاء والتضحية باليد الأخرى، من أجل تحقيق حلم الوحدة تحت راية واحدة وكلمة واحدة وعلى طريق التوافق والاتفاق وعلى نهج التسامح وبعزيمة متطلعة نحو المستقبل المشرق. وكان التعليم أولى ركائز بناء المواطن في الدولة عندما قرر الشيخ زايد مبدأ حق التعليم لكل مواطن، حيث تتكفل الدولة بالإنفاق عليه وتوفيره للمواطنين في كافة المدارس والمؤسسات التعليمية الحكومية.. وكان، طيب الله ثراه، شديد الحرص على نشر التعليم بين كافة أبناء مجتمع الدولة بلا تفرقة من أي نوع. وعلى صعيد الخدمات الصحية، فقد حرص أيضاً على متابعة تأسيس وتطوير كل ما يتعلق بمجال الصحة في كافة أرجاء الدولة، مما ساهم في تطور هذا القطاع بصورة مذهلة ومتسارعة خلال زمن قياسي، وأفضى إلى النجاح الكبير في توفير حياة صحية سليمة لكافة فئات المجتمع ووقايتها من الأمراض.

أما على مستوى الأعمال الإنسانية، فقد ساهمت «مبادئ زايد الخير» في تخفيف معاناة العديد من شعوب العالم ونشر الاستقرار والأمان بينها. ولم يغفل، طيب الله ثراه، دورَ المرأة في بناء الوطن، إذ كان وراء كل نجاحاتها بفضل دعمه وتشجيعه لتطوير وتأهيل ابنة الإمارات في كافة المجالات. وعلى صعيد التراث، حرص على ترسيخه في نفوس المواطنين من خلال التذكير بماضي أجدادنا الذي يُمثل القاعدةَ الأساس للانطلاق نحو مستقبل يقوم على قواعد ثقافية واجتماعية قوية.

تلك بعض مآثر المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي وضع أسس الدولة الحديثة، من مرتكزات اقتصادية وسياسة خارجية وتنمية مجتمعية ورعاية اجتماعية وبنية تحتية وخدمات صحية ونظام تعليم وقوات مسلحة عصرية وجهاز شُرطي قوي، علاوة على دعم المرأة والطفل والشباب في كافة المجالات، واهتمام غير مسبوق بالبيئة والزراعة والتراث والرياضة والأعمال الإنسانية.. وغيرها الكثير الكثير مما حققه «زايد الخير»، داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، ليظل اسم زايد القائد خالداً في ذاكرة الوطن والمواطن على مر العصور.

*باحث إماراتي