انطلقت أول رحلة فضاء سعودية للقمر في عام 1985، وكان على متنها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود (من مواليد 27 يونيو 1956)، وهو نجل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويعد أول رائد فضاء عربي مسلم ينطلق في مهمة فضائية على متن المكوك الفضائي لوكالة «ناسا» الأميركية.
وانطلقت ثاني رحلة فضاء سعودية يوم الثاني والعشرين من شهر مايو المنصرم، وكان على متنها رائد الفضاء السعودي علي القرني وزميلته رائدة الفضاء السعودية ريانة برناوي، بواسطة صاروخ «فالكون 9» الذي أنتجته «سيبس ألس»، وذلك في مهمة تمثل لحظةً تاريخيةً مفصليةً وشاقةً للغاية، تشارك فيها أول امرأة سعودية وعربية ومسلمة.. مهمة فضائية معقدة تعاونت في تنظيمها كل من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والهيئة السعودية للفضاء، إذ انطلقت الرحلة باتجاه محطة الفضاء الدولية، ضمن خطة عمل تُعنى بمجموعة من الأبحاث العلمية حول الجاذبية الصغرى، وذلك لخدمة العلم ولتقديم معلومات وخلاصات جديدة تفيد البشرية. 
كما تندرج الرحلة ضمن خطط للعمل على إعداد وتدريب وتأهيل كوادر سعودية متمرسة ومتدربة، بغية خوض مزيد من الرحلات الفضائية والمشاركة في إجراء تجارب وأبحاث علمية مستقبلية تتعلق بقطاع الفضاء وعالمه.
وقد تحققت هذه المهمة الناجحة كحلم سعودي جديد يضاف لإنجازات سعودية ما فتئت تتوالى وتتراكم. وقد تزامنت رحلة الفضاء السعودية الثانية هذه، مع تفوق وفوز الطلبة السعوديين في مسابقة وتقييم معرض «أيسف 2023»، وحصولهم على 4 جوائز علمية عالمية متقدمة في مجال البحث العلمي، وهو معرض أُقيم في الولايات المتحدة خلال الفترة ما بين 13 و19 مايو 2023، وقد شارك فيه الطلبة السعوديون من مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع، وحصلوا على جوائز علمية في مجالات الطاقة والبيئة وعلوم الأرض وعلم الموارد والهندسة الطبية الحيوية. 
وهذا التفوق العلمي المتميز للشباب السعوديين يأتي في وقت أصبح فيه التعليم في المملكة متطوراً ومتقدماً ويخضع لمعايير علمية عالية وفق ضوابط مهنية شديدة الكفاءة تضمن مخرجات تعليمية أكثر جودةً، لاسيما في مجالات البحث العلمي والتطوير التقني الحديث.. مما جعل كوكبة من الطلبة السعوديين يحصدون جوائز علمية في مايو 2022، حيث حصلوا على 27 جائزة عالمية من بين 85 دولة مشاركة في معرض ريجنيون الدولي للعلوم والهندسة المنظم في مدينة جورجيا الأميركية، إذ تألق 35 طالباً وطالبة من السعودية. ويذكر أن المملكة بدأت مشاركتها في هذا المعرض منذ عام 2007، وحصلت منذ ذلك التاريخ على 68 جائزة علمية عالمية متقدمة، وتبوأت المركز الثاني عالمياً في مجالات الفيزياء والكيمياء والفضاء والطب، بينما حصلت كل من كندا وأستراليا وتركيا على 6 جوائز لكل منهما، فيما حصلت بريطانيا على جائزة واحدة فقط.
ولم يكن الفوز السعودي بهذه الجوائز مفاجئاً ولا مستغرباً، لاسيما بالنسبة لمن يعرفون ذكاءَ الشاب السعودي وحرصَ قيادة المملكة على العناية بالشباب وبمواهبهم.
يستحق النجاح التقني والعلمي السعودي الإشادة والتوقف عنده، ويستحق المتفوقون السعوديون التكريمَ والاحتفاء بإنجازاتهم العلمية المرموقة، كونها مفخرة للوطن والأمة.

*كاتب سعودي