تكثفت الزيارات والجولات الخارجية لقيادة الإمارات، وأحدثها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية روسيا، وغيرها من الجولات التي تقودها وزارة الخارجية لتأكيد حضورها في الساحة الدولية، وفق رؤية تمثل صوت الحكمة والسلام والنهوض الاقتصادي.
والإمارات من أكثر الدول نشاطاً وحضوراً على مستوى المنطقة، بفضل رؤيتها الاستراتيجية وسياستها المتوازنة، والتي تسعى دائماً إلى تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية، وتدعم القضايا الإنسانية والتنموية في العالم، وتشارك في مكافحة التطرف والإرهاب، وتحافظ على علاقات جيدة مع جميع الدول.
وتُظهِر التحركات الخارجية الإيجابية للدولة قدرتَها على القيادة والابتكار، فهي تلعب دوراً رائداً في عدة ملفات على مستوى محاربة التطرف، ودعم السلام في اليمن وأفغانستان وسوريا وليبيا والسودان، وتسهم في حل الأزمات في هذه الدول، وفي الوقت نفسه تعزز علاقاتها المتنوعة، التي تشمل مختلف القوى الاقتصادية العالمية، ومن ضمنها الهند والصين وروسيا. وللدولة مشاركاتُها المهمةُ في مبادرات عالمية، إلى جانب توجهها نحو برنامج الفضاء لأهداف علمية.
وهذه التحركات نجحت في جعل سياسة الإمارات في خدمة اقتصاد مجتمعها، وفي إبراز قوة هذا الاقتصاد وما يتمتع به من تنوع واستدامة وابتكار.. الأمر الذي يجعلها شريكاً مهماً لمختلف دول العالم. ورغم حداثة تأسيسها كدولة، فقد استطاعت أن تنطلق من حكمة الأجداد وعراقة التاريخ، لتثبت وجودَها ونجاحَها في مختلف المجالات، مستندةً إلى تاريخ ثقافي عريق وعزيمة موروثة تتناقلها الأجيال، وتمكّنها من مواجهة مختلف التحديات، والاستفادة من خبرتها الاستثنائية في التفاوض والوساطة، للمساهمة في حل النزاعات الدولية وتعزيز السلام.
ومع كل عقد يمر تتعزز مكانة الإمارات في الساحة الدولية، ومع تولِّي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم، شهدت الدولة نمواً في علاقاتها الدولية، وتطوراً في مختلف قطاعاتها، ما أدى إلى تدفق المزيد من العمالة من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية، وذلك أيضاً مما يبرز تفوقَ الإمارات وقوانينَها واقتصادَها وثقافتَها.. وكلها تعتمد على التسامح والتعايش كثقافة تتميز بها دولة الإمارات.
وشهد اقتصاد الإمارات ازدهاراً كبيراً، جعلها ضمن المراتب الأولى في العديد من المؤشرات الاقتصادية، كمعدل دخل الفرد ومعدل استهلاكه للطاقة، بفضل ما تبذله الدولة من جهود لاستثمار علاقاتها الخارجية وقوتها الناعمة لتنويع اقتصادها وتوسيع حضورها في مجال إدارة الموانئ، وتأكيد ثقلها في مجال النقل الجوي، وإبراز نجاحاتها في مختلف القطاعات.
وبحسب التقارير الإعلامية الراصدة لجولات الإمارات وحضورها الاقتصادي على المستوى الدولي، فإن هناك نمواً متزايداً لمكانتها العالمية بفضل دورها في مجال الملاحة التجارية، حيث تضم محفظة الموانئ الإماراتية 12 منفذاً بحرياً تجارياً، وعدداً من الموانئ النفطية، بالإضافة إلى 310 مراسٍ بحرية، بحمولة تصل إلى 80 مليون طن من البضائع، وتستقبل موانئ الإمارات أكثر من 12 مليون حاوية سنوياً، ويرتاد موانئها ما يزيد على 21 ألف سفينة سنوياً.
وتربط موانئ الإمارات تجارة العالم بشبكة متطورة من النقل البري والجوي. واحتلت الإمارات المرتبة الأولى عربياً والرابعة عالمياً من حيث جودة بنيتها التحتية للموانئ، وأصبحت مركزاً لوجستياً دولياً من خلال موقعها الاستراتيجي الذي يجتذب سلاسل التوريد الدولية وتدفق السلع والمسافرين. ولدى الإمارات استثماراتها الكبيرة في قطاع النقل الجوي، الذي تشغل فيه حصةً كبيرةً من حركة الملاحة الجوية في آسيا والمحيط الهادئ، وتشكل 44.8% من تدفقات المسافرين إلى الدولة.
وكل هذه النجاحات لم تتحقق بسهولة، وإنما جاءت ثمرةَ جهود القيادة وتحركاتها، التي لا تقتصر على تعزيز العلاقات الثنائية، بل تحمل رسائل قوية وتعبّر عن تطلعات الإمارات للتعاون والشراكة الدولية.

*كاتب إماراتي