من يتابع قمة «الناتو» في ليتوانيا، يدرك بأنها قمة «أوكرانيا» عقدت فقط في «ليتوانيا». أوروبا وأميركا غارقتان في هذه الحرب للسنة الثانية على التوالي بعد أن تنبأ «بايدن» قبل اندلاعها بأيام بأنها ستنتهي في 36 ساعة. لقد أحاط قادة «الناتو» أنفسهم، خلال القمة بحلقة عسكرية من الفولاذ، يبعد ذلك 20 ميلاً فقط من بيلاروسيا، حليف روسيا الأول. نشر التحالف الغربي 1000 جندي لحماية القمة، بعد أنباء عن نشر روسيا للرؤوس الحربية النووية التكتيكية في بيلاروسيا.

هذا السياج العسكري يوشي بأن الحلف لا يريد الدخول في مواجهة عسكرية مع روسيا، تجنباً لوقوع حرب عالمية ثالثة لا يريد الحلف خوضها، ولو كانت الضحية «أوكرانيا»، التي كلفت الحلف قرابة 200 مليار دولار، أميركا وحدها تحملت قرابة 50%، من إجمالي المبلغ.

وفي تصريحات لنائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أشار إلى أن: نية «الناتو» لزيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا تنذر بطريق مسدود، حيث تقترب الحرب العالمية الثالثة. أوكرانيا تريد الانضمام للحلف اليوم.. اليوم وليس غداً، هذا الاستعجال الأوكراني ليس له وزن في هذه القمة لأن إرادة الحلف غير موحدة لصالح الانضمام المشروط بوقف الحرب أولاً، ثم النظر في تحقيق الشروط الأخرى المعروفة لدى الجميع.

وهو ما نستشفه من خلال مؤتمر صحفي مشترك ذكر فيه أمين عام حلف الناتو، بأنه سيدعم أوكرانيا مهما طال الأمر، وسيرسل دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى «الحلف» عند الوفاء بالشروط، ومجلس «أوكرانيا - الناتو» هو وسيلة سياسية تهدف لتقريب كييف أكثر من الحلف. أما الرئيس الأوكراني فقد أكد بأن بلاده لا تحتاج خطة عمل خاصة بها للانضمام إلى «الناتو»، وأن انضمام أوكرانيا لـ«الناتو» سيضمن أمن أوروبا وليس العكس. أما بشأن كلمة رئيس ليتوانيا، فقد أكد على توسعة المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا ووجوب انخراطها تماماً في حلف «الناتو».

وقد ذهبت السويد في ذات الاتجاه، عندما صرح وزير خارجيتها بقوله: بأن هناك قدراً كبيراً من الدعم لأوكرانيا في قمة «الناتو»، ولا نضع مدداً زمنيةً لانضمام أي عضو للحلف. هذا الذي لا تريده أوكرانيا، وهي لا تستطيع الدخول إلى «الناتو» عنوة لأن شرط الإجماع عليها ليس ميسراً لعدد 31 دولةً عضواً في الحلف.

وصلنا إلى مخرجات هذه القمة التي لم تضع «أوكرانيا» على سكة «الناتو» بعد، وكمية الآمال والأماني في المدى المنظور لنيل ميزات المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تنص على أن الاعتداء على أي دولة في الحلف اعتداء على الحلف كله، هذا الذي لم يكن يتحقق في ختام القمة. أهم ما جاء في كلمة أمين عام «الناتو» ما خلاصته أن أعضاء الحلف أكدوا بأن أوكرانيا ستصبح عضواً في الحلف، بالإضافة إلى حزمة لتطوير قدرات أوكرانيا الدفاعية تمتد لسنوات، وتقديم دعم أمني إلى أوكرانيا، ليكون رادعاً بعد الحرب.

*كاتب إماراتي