حرب أوكرانيا هدَّت من حول وقوة دول «الحياد»، في دليل قاطع بأن المتغير في السياسة هو الثابت. فبعد فوز «فنلندا» بعضوية «الناتو»، فتح باب الأمل العريض لأوكرانيا.

وزير الخارجية السويدي يقول: سنصل إلى المرحلة النهائية وننضم لحلف شمال الأطلسي بعد تصويت البرلمان التركي على الأمر وقرارنا بالانضمام للحلف يجعلنا نغير سياسة مستمرة منذ نحو 200 عام، وهذا قرار تاريخي. العامل الرئيس لهذا التغيير في موقف السويد هو في البحث عن الأمن، المعادلة الفاصلة في الكثير مما كان يعد من ثوابت السياسة قبل قرون، ولكن الواقع السياسي لا يقر إلا بالمتغيرات الكبرى. ما هي العقبة التي كانت أمام السويد لنيل جائزة «الناتو»؟ ليس تركيا، بل تواجد أعضاء من حزب «العمال الكردستاني»، المصنف لدى تركيا في قائمة الإرهاب.

لكن السويد حصلت على قبول من دول الحلف بالانضمام بعد موافقة تركيا خلال قمة «الناتو» الأخيرة في ليتوانيا. عندما وضعت تركيا عربة الدخول إلى قلب الاتحاد الأوروبي مقابل الموافقة على عضوية السويد، زمجرت ألمانيا رافضة هذه المساومة السياسية، وذلك على الرغم من قرب تركيا من ألمانيا في الكثير من الملفات، إلا أن المستشار الألماني يرفض الربط بين انضمام السويد لعضوية «الناتو» وترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي، بعدما ربط الرئيس التركي بين هاتين المسألتين. ومن ناحية أخرى، فإن أمين عام حلف الناتو صرح قائلاً بأن: الرئيس التركي، وافق على تأييد انضمام السويد إلى حلف «الناتو»، وأن السويد «ستدعم انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ومساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات».

وأضاف وزير خارجية السويد قوله بأن: عملية التصديق على انضمامنا للناتو ستبدأ بعد الاتفاق مع تركيا. ورحب الرئيس الأميركي بإعلان تركيا الموافقة على انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي. أما تركيا فمنذ تولي أردوغان الحكم، تسعى جاهدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقال الرئيس التركي في حينه: حتى لو استغرق الأمر 30 عاماً، إلى أن يطالب الشعب - في استفتاء عام - بالتراجع عن هذا المطلب الاستراتيجي.

وهو أمر منفصل عن انضمام أي دولة إلى حلف شمال الأطلسي، والمفارقة هنا في موقف الاتحاد الأوروبي من تركيا التي وفت بكل شروط هذا الانضمام، ويبدو أن أوروبا تريد انسلاخ الشعب التركي عن ثقافته، وإلا تصبح الديمقراطية الغربية مفصلة على مقاسها. وقبل حسم عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي عقد أردوغان مؤتمراً صحفياً في وقت سابق أكد فيه بأنه: يجب فتح الطريق أمام تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وحينها سنفتح الطريق أمام انضمام السويد إلى «الناتو».

وفي تحليل لصحيفة «بوليتيكو»، تذكر بأن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا تزال «أمراً بعيد المنال»، رغم ربط «أردوغان» بين هذا الأمر وموافقته على قبول عضوية السويد في «الناتو». في حين أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا تزال غير مطروحة على الطاولة، إلا أن قادة الاتحاد سينخرطون في بدائل مع أنقرة، لمحاولة استرضائها.

أزمة تركيا مع اليونان، والأخيرة عضو في الاتحاد الأوروبي، كانت إحدى العقبات المحورية التي حالت دون انضمام أنقرة للكتلة الأوروبية، وعلى الرغم من الابتعاد التركي الأخير عن أوروبا وتوتر العلاقات، فإن أنقرة لا تزال تصر على الانضمام إلى الاتحاد باعتباره بالنسبة لها «هدفاً استراتيجياً».

*كاتب إماراتي