تواجه البشرية تحدياً غير مسبوق في مجال تغير المناخ، حيث تزداد آثاره المدمرة بشكل متزايد حول العالم. تتضمن هذه الآثار ارتفاع درجات الحرارة، وظواهر الطقس المتطرفة، وذوبان الأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتتطلب جميعها إجراءات عاجلة للتصدي لها. ولحسن الحظ، تطور الذكاء الاصطناعي كحليف قوي في هذا السياق، يمكن أن يحدث ثورة في مكافحة تغير المناخ وتحقيق مستقبل مستدام للبشرية.

أصدرت مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) تقريراً حول الذكاء الاصطناعي للمناخ، ووفقاً لهذا التقرير، يعتقد 87% من الرؤساء التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي والمناخ في القطاعين العام والخاص أن الذكاء الاصطناعي هو أداة أساسية في مكافحة تغير المناخ وجاء التخفيف في المقدمة بنسبة 61%، تلاه قياس الانبعاثات بنسبة 57%. وشملت المجالات الأخرى: التنبؤ بالمخاطر بنسبة 44%، وإدارة نقاط الضعف والتعرض بنسبة 42%، وإزالة الانبعاثات بنسبة 37%، وأخيراً تسهيل البحوث المناخية، وتمويل المناخ، والتعليم بنسبة 28%.

ومن هنا نجد أن الذكاء الاصطناعي يمتلك عدة طرق لمكافحة تغير المناخ، منها الحد من الانبعاثات، حيث يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل الانبعاثات من خلال تحسين استخدام الطاقة في المباني والنقل والصناعة. كذلك يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الطاقة من خلال تحليل البيانات من أجهزة الاستشعار والمصادر الأخرى لتحديد المجالات التي يمكن تقليل استخدام الطاقة فيها. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أنظمة التدفئة والتبريد في المباني، مما قد يؤدي إلى استخدام أقل للطاقة. يمكن أيضاً استخدامه لتحسين تشغيل توربينات الرياح والألواح الشمسية، مما قد يؤدي إلى زيادة إنتاج الطاقة.

أهمية الذكاء الاصطناعي في مواجهة تغير المناخ تظهر بوضوح لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في البلاد «مختبر الذكاء الاصطناعي» بالشراكة مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والوكالة الدولية للطاقة المتجددة عام 2018، ويقوم مختبر الذكاء الاصطناعي بجمع وتحليل البيانات بشكل فوري لمساعدة صنع القرار.

وقد أكدت سمو الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمُسرّعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي، أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور حيوي في تحقيق أهداف البلاد في الانتقال إلى اقتصاد أخضر وتحقيق التطلعات النبيلة بحلول عام 2050. وأشارت إلى أن «البرنامج التنفيذي» في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي قدم رؤية دقيقة وحيوية حول كيفية قدرة أبحاث الذكاء الاصطناعي على تقديم حل واقعي لتحديات تغير المناخ.

تتحد البشرية مع تحدٍّ غير مسبوق في مجال تغير المناخ، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون حلاً قوياً في هذا السياق وتشهد دولة الإمارات على الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي في تحقيق أهدافها الطموحة للانتقال إلى اقتصاد أخضر ومواجهة تحديات تغير المناخ، وهذا ما سنشاهده في مؤتمر COP28.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي