بعد الكارثة المريرة التي قضت على بلدة لاهاينا الغربية المحببة في جزيرة ماوي بولاية لاهاي هذا الأسبوع وأودت بحياة 55 شخصاً بالإضافة إلى فقدان عدد أكبر بكثير، أدت رياح إعصار «دورا» القوية إلى تدمير بلدة تاريخية.
إن العيش في هاواي لفترة كافية يمنحك الإلمام بالكوارث المفاجئة، من النوع الذي يمكن أن يمحو مجتمعاً في أسبوع أو يوم أو لحظة. أن أعيش في ولايتي الأصلية أو أن أحبها من على بُعد يعني أنني أدرك التهديد المستمر للأعاصير وأمواج تسونامي والزلازل والبراكين.
لكن نشوب حريق هائل مميت؟ كان هذا أمراً جديداً في هاواي، والذي غيّر كل شيء.
ربما لا نعرف على وجه اليقين ما إذا كانت مدينة لاهاينا قد دُمِرَت بسبب أخطاء البشر التي تضر بالبيئة، لكننا نعلم أن تغير المناخ يجعل هاواي أكثر سخونة وجفافاً، مما يؤدي إلى انتشار الأعشاب الغازية. أدى الجفاف في جزيرة ماوي إلى تحويل العشب إلى وقود جاهز وزاد من مخاطر اندلاع حرائق الغابات، ثم ضرب الإعصار المنطقة.
مثل مناطق الجزر الأخرى في محيطاتنا الآخذة في الارتفاع، فإن هاواي معرضة للخطر بشكل غير عادي، وعليها أن تفعل شيئا ما. عندما اجتاحت حرائق الغابات ماوي والجزيرة الكبيرة، كان ذلك بمثابة تذكير وحشي بأن هاواي بحاجة إلى أن تكون رائدة مناخية جادة، لتغذية ونشر الوعي البيئي الذي تفتقر إليه العديد من الولايات الأخرى.
بالتأكيد، ستجد هاواي طرقاً لتقليل مخاطر حرائق الغابات وتحسين إجراءات مكافحتها. ستعيد لاهاينا البناء وسيعود السكان. لكن المرونة المناخية هي تحدٍّ أكبر بكثير من إضافة سيارات الإطفاء والسيطرة على الأعشاب الغازية. إنها مشاكل مكلفة في جميع أنحاء الولاية.
كيف ستتمكن المجتمعات على الشاطئ الشمالي من التعامل مع مشكلة ارتفاع مستوى مياه المحيط قبل أن تجرفها الأمواج؟ كيف سيتعامل مزارعو الأزهار والفاكهة في جزيرة ماوي والجزيرة الكبيرة مع الجفاف الممتد؟ ماذا يحدث إذا أو عندما تموت الشعاب المرجانية، وتختفي الأشجار المحلية وطيور الغابات، وتتغير أنماط الطقس وتختفي الرياح التجارية الباردة؟
إن هاواي لديها خطط طموحة، فقد كانت أول ولاية تلتزم بتحقيق طاقة متجددة بنسبة 100% بحلول عام 2045. لكن ما زال أمامها طريق طويل لتقطعه.
أولاً، يجب أن تتخلص من اعتمادها على النفط والفحم المستورد. وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، تستخدم هاواي ما يقرب من سبعة أضعاف الطاقة التي تنتجها، ويمثل النفط المستورد حوالي أربعة أخماس إجمالي استهلاكها للطاقة. في عام 2022، جاء حوالي 29% فقط من إجمالي الطاقة في هاواي من مصادر الطاقة المتجددة، منها 17% من الطاقة الشمسية. كان جزء كبير من جزيرة أواهو لا يزال يعمل بالفحم حتى سبتمبر الماضي.
لكن هاواي تتمتع أيضاً بقائمة متنوعة للغاية من خيارات الطاقة النظيفة. إلى جانب الشمس والرياح والأمواج والمد والجزر والطاقة الحرارية الأرضية، هناك المزيد من التقنيات الغامضة مثل تحويل الطاقة الحرارية للمحيطات والحصول على الوقود الحيوي من الطحالب. ستكون هناك حاجة إلى بعض أو جميع هذه المصادر للمساهمة في مستقبل أكثر أماناً في هاواي.
أما لاهاينا، فيمكن أيضاً أن تصبح نموذجاً لمستقبل أكثر استدامة.
لطالما اعتمد اقتصاد هاواي على الصناعات التي تحقق الازدهار، لكنها أيضاً تسبب مشاكل خطيرة. على سبيل المثال، كان صيد الحيتان نعمة وفي الوقت نفسه مأساة بيئية. وشوهت مزارع السكر والأناناس الأرض. أما السياحة، التي أبقت الأضواء مضاءة لأكثر من قرن، فقد كانت نعمة ونقمة مختلطة، مع إسهامها في تحقيق تنمية مفرطة، وتجارة السلع الثقافية، وتجارة السلع الرديئة. كما أن السفن السياحية مثل تلك التي ترسو قبالة ميناء لاهاينا وموانئ هاواي الأخرى تكون ملوثة بشكل بشع.
سيتعين تخفيف الصدمة والحزن في «لاهاينا» قبل أن يبدأ التجديد. لكن هاواي أعادت تقديم نفسها عدة مرات. فقد سبق أن تعرض سكان هاواي الأصليون لخطر الانقراض من خلال التعرض للأمراض الغربية، ما أدى إلى انخفاض حاد في عدد السكان. ولكنهم بالإرادة أعادوا إحياء تراث غني باللغة والرقص والغناء والحرفية والزراعة. وجنباً إلى جنب مع أجيال من مهاجري المزارع في أوائل القرن العشرين، مثل أجدادي في أوكيناوا، قاموا ببناء مجتمع متعدد الثقافات يتصف بالتسامح والترحيب.
مر الناس في هاواي بالعديد من الكوارث. يتذكر أبناء جيل والدتي موجات تسونامي في عامي 1946 و1960، والتي دمرت مدينة هيلو، مسقط رأسها. وفي عام 1990، اختفت قرية كالابانا بأكملها تحت 50 إلى 80 قدماً من الحمم البركانية.
إن الروابط التي تربط العائلات عبر الجزر ستلهمهم لحماية بعضهم البعض وحماية الأرض، كما فعلوا من قبل. آمل أن يجد سكان هاواي حلولاً لمشاكلهم لا تتطلب الانتقال إلى لاس فيجاس.
سيتعين على سكان هاواي التحرك معاً. يحذر جيفري ميكولينا، عالم البيئة المتمرس في هاواي، من الأفكار التي لا تدخل حيز التنفيذ.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»