نظمت رابطة الجامعات الإسلامية منذ أيام مؤتمراً دولياً علمياً حول موضوع «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية ومبادئ القانون الدولي»، والذي احتضنه مقر الإيسيسكو في الرباط. وشهد المؤتمر حضوراً من علماء ورؤساء جامعات ومفكرين وباحثين متخصصين.

في مداخلتي أشرتُ إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تبنَّته الشهرَ الماضي، بإجماع أعضائها الـ193، وهو قرار كانت قد تقدمت به المملكة المغربية، ضد حرق نسخ المصحف الشريف، وخطاب الكراهية.

وشهدت عملية اعتماد هذا القرار محاولة الاتحاد الأوروبي حذف الإشارة إلى الفقرة الثالثة عشرة من القرار، والتي تنص على أن مشروع القرار «يستنكر بشدة جميع أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وكذلك أي أعمال من هذا القبيل ضد رموزهم الدينية أو كتبهم المقدسة أو منازلهم أو أعمالهم أو ممتلكاتهم أو مدارسهم أو مراكزهم الثقافية أو أماكن العبادة، فضلاً عن جميع الهجمات على الأماكن الدينية والمواقع والمزارات.. التي تنتهك القانون الدولي».

وقالت المتحدثة باسم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيدة بولينا كوبياك، إن وفد إسبانيا طالبَ بحذف عبارة «التي تنتهك القانون الدولي» من مشروع القرار، لكن طلبه قوبل بالرفض. وقلتُ في تدخلي إن هذا التوجه، وهو توجه نحو القانون الدولي لتكريس مناهضة خطاب الكراهية، هو الحل الأمثل والوحيد لتثبيت البيت المجتمعي العالمي المشترك والأسرة الإنسانية الواحدة، بدلا من الخطابات الفضفاضة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

واستحضرتُ في تدخلي مسارَ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من معظم أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامةُ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في يوم العاشر من شهر ديسمبر عام 1948، وذلك بموجب القرار «217 ألف» بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تتمثله كافة الشعوب والأمم.

واليوم لا يخلو أي دستور من دساتير دول العالم من الإشارة في ديباجته أو في أحد بنوده إلى هذا الإعلان العالمي، كما أن فصول تلكم الدساتير تتبنى أهم محددات الإعلان نفسه.

ويقيني أن القرار الأممي الأخير حول مناهضة خطاب الكراهية، إذا صاحبته دبلوماسية دولية مُحكمة، خاصة من الدول العربية والإسلامية، ستكون نتائجه مضمونة. ومن بشائر هذا القرار أنه منذ أيام عرضت الحكومة الدنماركية مشروع قانون يحظر حرق المصحف بعد الاحتجاجات التي سُجلت في دول إسلامية عدَّة بسبب محاولات تدنيس نسخ من المصحف في الدنمارك.

وقال وزير العدل الدنماركي، بيتر هاملغارد، خلال مؤتمر صحفي، إن القانون «سيحظر التعامل بطريقة غير مناسبة مع أشياء تكتسي أهمية دينية كبيرة لدى ديانة ما»، وهذا التشريع القانوني يمكن اعتباره ثمرة أنتجتها شجرة القانون الدولي الجديد في مجال مناهضة الكراهية، وهي شجرة يجب تعهدها بالمتابعة الدائمة لتُؤتي أكلَها كل حين.

*أكاديمي مغربي