نتطلع إلى العمل معاً من أجل رخاء دول العالم وشعوبه جميعاً. هكذا علَّق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على انضمام ست دولٍ إلى عضوية تجمع «بريكس» من بينها ثلاث عربية.

انضمام هذه الدول، وفي مقدمتها دولة الإمارات، إلى التجمع الواعد يُحّملها مسؤوليات بمقدار ما يوفر لها فرصاً. والمهم أنه يتيح لها القيامَ بدورٍ دولي في العمل من أجل عالمٍ أفضل، والسعي إلى تعزيز الجهود لتحقيق الهدف الرئيسي المعلن لتجمع «بريكس» منذ تأسيسه، وهو إيجاد عالم أكثر توازناً وتنوعاً وتعدداً وعدالة. ولدى دولة الإمارات إيمان واضح ومعروف بالمبادئ الأساسية التي ينطلق منها ويرتكز عليها هذا الهدف، وهي التسامح والأخوّة الإنسانية وقبول الآخر. كما أن تبنِّيها هذه المبادئ وجهودها المتواصلة لترسيخها ليس خافياً على أحد.

لقد حقَّق تجمع «بريكس» إنجازاتٍ في الطريق إلى هدفه الأساسي، لكنها أقل مما يمكنُ تحقيقه، إما بسبب عوائق مرتبطة بتعقيدات الوضع الدولي، أو نتيجة خلافات بين بعض أعضائه المؤسسين. وتستطيع دولة الإمارات العمل، مع أعضاء جُددٍ آخرين، السعي لحل هذه الخلافات لزيادة الثقة المتبادلة اللازمة لنجاح أي عمل بشري. وهذا جزءٌ فقط من دورٍ يبحثُ عمن يقوم به.

يخبرُنا التاريخ أنه في بعض المراحل يحومُ دورٌ معين في سماء العالَم بانتظار مَن يتقدمُ للنهوض به. ودولة الإمارات أكثر بلد يمكنه القيام بهذا الدور اليوم في تجمع «بريكس» من أجل تطويره ليتمكن من قطع خطوات أكبر بمعدلاتٍ أسرع، وإعطاء قوة دافعة للخطوات التي اتخذها وحقّق نتائج متفاوتةً فيها، ويمكنه أن ينجز أكثر منها، عبر طرح خطط زمنية وبرامج عمل وإقناع أعضائه بها. وهذا ما تستطيع دولة الإمارات، استنادًا إلى تجاربها الناجحة، الإسهام فيه بالتعاون مع الأعضاء الجُدد. ولنأخذ مثالاً واحداً لتوضيح بعض ما يمكنُ عمله، في هذا السياق، وهو استخدام العملات المحلية في المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء.

فالآلية المتبعة لا تُحقِّق الكثير، وتبدو أقرب إلى المقايضة منها إلى التجارة الحديثة. فعندما تستورد دولة ما (ولتكن الدولة أ) سلعاً وخدماتٍ من دولة ثانية (الدولة ب) وتُسّدِد قيمتَها بالعملة المحلية، تقوم (الدولة ب) باستخدام هذه العملة في سداد قيمة وارداتها من (الدولة أ). ونظراً لضآلة الاستخدامات الأخرى للعملات المحلية، قد تضطر (الدولة ب) إلى وقف قبول عملة (الدولة أ) عندما يزيد ما لديها عن قيمة وارداتها منها، أو العكس.

ويمكن تطوير هذه الآلية بحيث لا تبقى محصورةً في أطرٍ ثنائية، عن طريق اعتماد العملات المحلية في مصارف الدول الأعضاء وأسواقها المالية، بما يتيح استخدامها في أنشطةٍ استثمارية وسياحية أيضًا. ويفيد، هذا بالتأكيد، قيامَ بنك «بريكس» بقبول ودائع بالعملات المحلية واستخدامها في عمليات الإقراض. وليس هذا إلا مثالاً واحداً لدورٍ ينتظر دولة الإمارات وأعضاء جدداً في «بريكس».

*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية