يمثّل الإعلام واحداً من القطاعات التي تنتمي بقوة إلى المستقبل. ويبدو ذلك جليّاً لدى النظر إلى المكانة المتقدّمة للثورة المعلوماتية أو الاتصالية، ضمن ثورة التكنولوجيا والمعرفة التي يشهدها العالَم منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين، واعتبار كثير من الأكاديميين والمفكرين المرموقين ثورة الاتصالات محرّكاً أساسيّاً للكثير من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التي غيّرت وجه العالم. وفي هذا الإطار، فإن ثورة الاتصالات ترتبط بوشائج وثيقة بالأجيال الشابة التي تبدو أقرب إلى الشغف بمتابعتها، والتفاعل معها، وتوظيف إمكاناتها، وخاصة في العالم العربي، على الرغم من أن الاستفادة منها تبقى متاحة لكل الأعمار والأجيال.

ويعني ذلك أن أي تخطيط لتطوير الإعلام في العالم العربي يحتاج أكثر من غيره إلى تعظيم دور الشباب فيه، وتهيئة المجال لذلك، من خلال الأطر التنظيمية والإدارية، والتأهيل المبكر، والتدريب النوعي. ويُعدُّ تنظيم «المنتدى الإعلامي للشباب»، الذي يُعقد يوم غدٍ الاثنين 25 سبتمبر، بالتزامن مع أعمال الدورة الحادية والعشرين لـ«منتدى الإعلام العربي»، خطوة ذات دلالات كبيرة في هذا الصدد، كون «منتدى الإعلام العربي» هو المنصة الأكبر والأعظم تأثيراً في تحديد ملامح الإعلام العربي، وتوجيه أنظار المتخصّصين والجمهور إلى التطورات الجوهرية التي يشهدها الإعلام في العالم، والوسائل المثلى للتفاعل الإيجابي معها، في ظل خصوصية المجتمع العربي التي لا تنفي كونه جزءاً من العالم، إلى جانب الإسهام في تطوير النقاش الجادّ والمنضبط حول المسارات المستقبلية للإعلام العربي. وينطلق «المنتدى الإعلامي للشباب» من هدف واضح، ألا وهو «إعداد الجيل القادم من الإعلاميّين الشباب المؤهَّلين لقيادة إعلام عربي قادر على مواكبة المتغيرات المتسارعة ونقل صورة مميزة عن الشباب العربي للعالم».

ويمثّل الشباب الركيزة الأساسية للمشاركين في المنتدى، إذ يُتيح الفرصةَ لأكثر من 200 شابٍّ وشابّة لعرض تجاربهم وخبراتهم العملية وقصص نجاحهم في مختلف مجالات الإعلام وتخصّصاته، مع التركيز على المجال الرقمي الذي يُمثّل المستقبل. وليس هناك من شكّ في أن الشباب هم الأقدر والأجدر بالحديث عن أنفسهم، وعن رؤيتهم لواقع الإعلام العربي، وتصوراتهم لمستقبله، في ظل مواكبتهم أحدث التطورات العالمية، وقدرتهم على توظيف مهاراتهم التكنولوجية المتقدمة في تطبيق أفكارهم وإنجاز مشروعاتهم، وضخّ دماء جديدة في الإعلام العربي فكراً وممارسة.

وفي ملمح آخر حافل بالدلالات، فإن «المنتدى الإعلامي للشباب» يتيح لطلبة الإعلام فرصةً لخوض نقاشات رفيعة المستوى من خلال «خلوة إعلامية» تساعدهم في إجراء «عصف ذهني»، تحت إدارة خبراء متخصّصين، على النحو الذي يسمح لهم ببناء فهم أوسع للمجال الذي سيلتحقون به، وما يشهده من تغيّرات وتطورات.

هذا، وتنطوي المساحة المخصّصة للشباب في الفعالية الإعلامية الأهم عربيّاً، على رسالة إماراتية ملهمة إلى كل المعنيّين بالشأن الإعلامي العربي، وهو أن نجاح هذا القطاع مرهون بتمكين الشباب، ومنحهم فرصة احتلال المواقع القيادية لتطبيق رؤاهم وأفكارهم. ولعل ممّا يبعث على التفاؤل أن الرسائل الإماراتية قادرة دائماً على الوصول، لأنها تستند إلى رصيد هائل من المصداقية التي تعزّزها الإنجازات والنجاحات.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.