يقول الكاتب الأميركي «روبرت جرين» إنه عمل في (80) وظيفة، من عامل بناء إلى رئيس تحرير إلى كاتب في هوليوود. ويبدو أن المؤلف الشهير الذي درس في جامعة كاليفورنيا في بيركلي مغرم بالأرقام، فقد ألّف صاحب الـ (80) وظيفة كتابيْن شهيريْن، أحدهما بعنوان «48 قانوناً للسلطة» والآخر بعنوان «33 استراتيجية».

في سبتمبر 2023 نال كتاب «جرين» عن الاستراتيجيات شهرة واسعة في الأوساط المتطرفة حول العالم، حيث أصبح الكتاب ملهماً لزعيم تنظيم «القاعدة» «محمد صلاح الدين زيدان» الشهير بسيف العدل. ولد «روبرت جرين» في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا عام 1969، وولد «سيف العدل» في شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 1970، وفارق العُمر بينهما عدة شهور.. ومن المثير أن يكون كاتباً أميركياً هو الأكثر إلهاماً للزعيم الثالث لتنظيم «القاعدة».

لا يرى سيف العدل في روبرت جرين ملهماً شاملاً، بل هو يراه ملهماً في الاستراتيجية والقوة والحرب، ولكنه ليس كذلك في المبادئ وشؤون الدين. يحمل كتاب سيف العدل - الذي تولى زعامة «القاعدة» بعد مقتل أيمن الظواهري - عنوان «قراءة حرة في 33 استراتيجية».. وهو يُعدّ المشروع السياسي والفكري للضابط المفصول من الجيش المصري والزعيم الحالي لأحد أخطر التنظيمات في العالم.

ويمكننا إيجاز ملامح المشروع الإرهابي الذي يتضمنه الكتاب الجديد في النقاط الأربع التالية: أولاً: الإبداع والابتكار.. يقول سيف العدل: يجب أن نكون مبدعين ومبتكرين، يجب أن نكون رشيقين، وأن نفكر خارج الصندوق.. علينا أن نتجنّب الالتزام بخطط ما لأنها آمنة، بل يجب ألاّ يستطيع العدو التنبؤ بالخطوة التالية. يجب أن نأتيه من حيث لا يتوقع. ثانياً: الحرب النفسية.. حسب الكتاب يجب دراسة مهارات القيادة، وبناء الفريق، وتكتيكات حرب العصابات، والأهم دراسة الحرب النفسية.

يجب أن تكون الضربات متتالية، مع آلة دعاية قوية تبث الرعب في الحكومة والمجتمع، يجب أن يشعروا أنه لا مكان آمن، وأن يتمكن منهم الانكسار النفسي.

ثالثاً: الدعوة.. يقول سيف العدل: «يجب التركيز على ضرب الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة، ومن الأفضل تجنب ضرب المدنيين. نحن لدينا واجبان: الدعوة والجهاد، وإذا كنّا نستهدف عموم الناس.. فكيف نتوقع من شعوبهم تقبل دعوتنا للإسلام؟»

رابعاً: عدم التسامح مع الشركاء السيئين.. يشير سيف العدل إلى الانشقاقات عن «القاعدة» ولاسيما «داعش» قائلاً: نحن نأسف لخيانة الشركاء، لقد استغلوا أخلاقنا وعدم قيامنا بفضحهم، فهاجمونا، لكن من الآن لا يجب التسامح مع الشركاء. ** يجب أن نأخذ كتاب سيف العدل على محمل الجد، ذلك أنه ليس منظِّراً لم يغادر الكهف، بل هو الشخص الذي جرى اتهامه في كل شيء تقريباً، من أحداث 11 سبتمبر إلى تفجير المدمرة كول إلى تفجير سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا إلى إسقاط طائرات أميركية في الصومال. ها هم صناع الموت يحاولون من جديد.. يرى سيف العدل أن هذا المنهج سيسهل تقبل دعوتهم للإسلام، وكأن الإسلام لا وجود له، وأن بلاد المسلمين تحتاج إلى دعوة الإسلام من جديد، وأن لا طريق لذلك سوى تحطيم الدولة. لم يعد تنظيم «القاعدة» الإرهابي  قوياً ولا غنياً، ولكنه لايزال حاضراً، ولا يزال الهدف الرئيسي لكل الجماعات المتطرفة هو: صناعة الموت.. وإخلاء العالم الإسلامي من المسلمين.

*كاتب مصري