الفترة ما بين انتقال «عصبة الأمم» إلى «هيئة الأمم» قاربت الثمانية عقود، من الجذب والشد وتصدير القرارت ومطها والتسويف في تنفيذها، ومن أوضحها القرارات الشرعية لإنشاء دولة فلسطينية خاضت مسارات «أوسلو» ولم تسلك أروقة الأمم المتحدة بعد.

خلال السنوات الماضية، تدحرجت رؤس وانهارت عروش، ولكن لم تستطع دولة واحدة من الأعضاء التى تجاوزت سن الرشد السياسي والاقتصادي اختراق جدار مجلس الأمن المحتكرة لدى مؤسسي «عصبة الأمم»، وكأن العالم ما زال يقف على حافة الحرب العالمية الثانية، وبانتظار حرب عالمية ثالثة كما تنبأ بذلك بالأمس القريب هنري كسينجر مهندس السياسة الخارجية الأميركية لقرن مضى وحتى هذه اللحظة الفارقة من أوضاع العالم غير المستقرة، فأينما تولوا فثم أزمة سياسية طاحنة للاقتصاد.

منذ تأسيس هذه المنظمة، فإن الدول خارج الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، تطالب بإجراء إصلاحات جذرية في بنية هذه المنظمة لصالح الدول التي تنتظر دورها في تفعيل المنظمة وتجديد الدماء في عروقها التي كادت تجف وتتصلب من ثقل القضايا العالقة في أروقتها، وعلى رأسها قضية فلسطين التي قاربت تأزيم مشكلتها عقود تأسيس المنظمة ذاتها.

أين موقع فلسطين من أروقة الاجتماع 78؟!الولايات المتحدة الأميركية تؤكد كل مرة حل الدولتين، في تصريحات الرئيس الأميركي المتزامنة مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وردت عبارة «حل الدولتين». وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، لتشير إلى إمكانية إحلال السلام، حيث قال:«يمكننا التوصل لسلام تاريخي بين إسرائيل والسعودية، والسلام مع السعودية سيؤدي إلى قطع شوط طويل نحو تحقيق السلام مع الفلسطينيين).

القضية الفلسطينة تبحث لها عن هامش ربح من حول العالم المجتمِع في نيويورك مكان انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. جميع الدول الملتفة حول الطاولة المستديرة تطالب المنظمة بتطبيق قراراتها الدولية من أجل حل القضية والبحث عن مخرج لها.

ولا تزال القضية الفلسطينة شرطاً جوهرياً لاستقرار المنطقة، ومن دون ذلك تتواصل الغارات والهجمات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما وقع بالفعل خلال انعقاد الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. صحيح أن علاقات إسرائيل مع دول المنطقة تتنامى، وثمة اتجاه لتطويرها مع دول أخرى، لكن قطار السلام قد تأخر في الوصول إلى المحطة المنشودة في فلسطين، الدولة العصية على التأسيس لأكثر من سبعة عقود، وما زالت إسرائيل تطالب بمزيد من العلاقات معها.

رغم قناعة بعض الدول الكبرى، بأن الأمن لا يستتب في الشرق الأوسط إلا بما ورد في كلمة وزير الخارجية الروسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما أشار إلى أن استقرار الوضع في الشرق الأوسط يتطلب حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، فإن تسوية القضية الفلسطينية ما تزال هدفاً لم يتحقق بعد. التفاؤل باستقرار المنطقة وإحلال السلام في شتى ربوعها أمر مشروع، والإرادة السياسية لدى الدول العربية تسير في هذا الاتجاه، ولا مناص من شروط واقعية تجعل هذا التفاؤل واقعاً يتحقق على الأرض.

*كاتب إماراتي