شهدت الآونة الأخيرة سلسلة من الأحداث التي تعتبر تطورات سيئة بالنسبة لأوكرانيا. أُولاها انتخابات 30 سبتمبر في سلوفاكيا التي أسفرت عن انتخاب زعيم شعبوي مقرب من روسيا. فهذا الأخير يميل إلى أطروحات فيكتور أوربان أكثر منها إلى توجه البلدان الأوروبية الأخرى، وقد يقوّض التضامن الأوروبي مع أوكرانيا. 
أما الحدث الثاني، فقد وقع في الولايات المتحدة، فبسبب المعارضة التي أبداها أنصار دونالد ترامب، تعذر التصويت لصالح مساعدات جديدة لأوكرانيا.
وأخيرا، هناك تصريحات الرئيس البولندي بعد الخلاف بين أوكرانيا وبولندا حول وقف واردات الحبوب الأوكرانية إلى بولندا، والقرار البولندي القاضي بالتوقف عن تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا. بل إن الرئيس البولندي ذهب إلى حد تشبيه الرئيس زيلينسكي بالشخص الذي يغرق ويمكن أن يسحب معه أولئك الذين يريدون المساعدة. 
ثم هناك حدثٌ رابع، وهو قديم قليلاً، ويتمثل في اتهام وزير الدفاع البريطاني للأوكرانيين بالجحود ونكران الجميل، وقوله إن الجيش البريطاني ليس «مركزاً لتوزيع السلع» يمكن لأوكرانيا الحصول منه على الإمدادات. 
كل هذه الأحداث تغذِّي أسئلة أخذت تطرح بشكل متزايد: هل الدعم الغربي لأوكرانيا أبدي؟ وهل سيظل بهذا القدر من الثبات والالتزام؟ وألن ينتهي به الأمر إلى الفتور والتراجع؟ الواقع أننا سمعنا نفس هذه التساؤلات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث عبّرت دول الجنوب العالمي، أو الدول غير الغربية، عن انزعاجها من الحضور الدائم للقضية الأوكرانية في كل مكان على الساحة الدبلوماسية، على حساب ملفات أخرى تهمُّها بشكل رئيسي. ويبدو أن حقيقة أن «أوكرانيا باتت أولوية الدول الغربية» باتت تتعرض لانتقادات شديدة وعلى نحو متزايد من قبل البلدان غير الغربية. 
ومن جهة أخرى، هناك خوف من أنه في حال تم انتخاب دونالد ترامب، فإن المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستتوقف على الفور. غير أن الانتخابات ما زالت بعيدة. وأي رئيس جديد لن يتولى منصبه إلا في نهاية يناير 2025. ولكن في هذه الحالة، فإن الدول الأوروبية، بشكل خاص، هي التي سيُطرح عليها السؤال حول ما إن كانت ستستمر في دعم أوكرانيا بنفس الطريقة وبنفس الفعالية، في حالة سحب المساعدات الأميركية. ولكن مرة أخرى، يتعلق الأمر هنا باحتمال بعيد. 
وعلى كل حال، لا يمكن الحديث في الوقت الراهن عن انهيار الجيش الروسي. غير أن الهجوم المضاد الأوكراني لم يحقّق النجاح المأمول والمتوقع. وما يُخشى منه في الحقيقة ليس ضجر البلدان التي تساعد أوكرانيا، وإنما ضجر المقاتلين.
ففي الوقت الراهن، ما زال بوسع فلاديمير بوتين إرسال جنود إلى الجبهة، لأنه ليس أمامهم خيارات كثيرة: فأولئك الذين كانوا يريدون المغادرة غادروا بالفعل، أما المجندون الباقون، فيتم إرسالهم إلى الجبهة طوعاً أو قسراً. غير أنه من الوارد أن يسود الضجر والغضب بعد فترة معينة من الزمن، وأن تصبح الغاية من الحرب محلَّ تساؤل من قبل السكان الروس بالنظر إلى عواقبها. والواقع أن خطر الإرهاق موجودٌ أيضاً على الجانب الأوكراني.
فقد ازدادت حالات الفرار من الخدمة، بعد أن لم يعد استقلال أوكرانيا في خطر. وما هو في خطر الآن هو سلامة أراضيها. هذه الأخيرة تُعد مسألة مركزية بالطبع بالنسبة لأغلبية كبيرة من الرأي العام الأوكراني، ولكن ربما ليس بالنسبة لكل السكان. ذلك أن جزءاً من شباب البلاد قد يصاب بالتعب لكون الحرب باتت أفقهم الوحيد. 
ويظل المعدل الديمغرافي لصالح روسيا: 4 روس مقابل أوكراني واحد. ولكن المعدل الصناعي يصب في صالح أوكرانيا على اعتبار أن المساعدات الغربية، حتى وإن انخفضت، تظل أعلى مما تستطيع روسيا توفيره.
وفي غياب المفاوضات، التي ما زالت غير مدرجة على جدول الأعمال، وفي غياب الوساطة التي من غير الواضح من يمكن أن يرعاها، وخاصة أن الطرفين يرفضان التفاوض، فإن تراجع رغبة السكان، وخاصة بين شباب هذين البلدين، هو الذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير في هذا الصراع. وبالتالي، فإن هذا الأخير لن ينتهي وإنما ستتراجع شدته بسبب التعب.

مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس