شرُفتُ بحضور «منتدى الاتحاد» الثامن عشر الذي كان منطقياً أن يدور موضوعه حول هذا الحدث الدولي بالغ الأهمية، وهو استضافة دولة الإمارات مؤتمرَ «كوب28»، كامتداد منطقي للدور الرائد الذي تضطلع به الدولة على الصعيد العالمي والذي يتجسد في مبادراتها العديدة على هذا الصعيد، كما ظهر، على سبيل المثال، في رعاية الإمارات مبادرةَ «الأخوّة الإنسانية» واستضافتها في عام 2019 المؤتمرَ الذي دشن هذه الوثيقة غير المسبوقة، والتي وقّعها كلٌ من شيخ الجامع الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وللرجلين مكانتهما الدينية والإنسانية المتفردة. وكما يظهر أيضاً في الدبلوماسية النشطة لدولة الإمارات عربياً وإقليمياً ودولياً، ودورها الإنساني من خلال المساعدات الإغاثية المنتشرة في جميع أرجاء العالم، ومن ناحية أخرى امتداداً لمبادرات الإمارات الرائدة في مجال حماية البيئة التي تتناغم كل التناغم مع أهداف مؤتمرات كوب المتعاقبة، سواء في مجال الاقتصاد الأخضر أو الطاقة المتجددة وغير ذلك.
وقد افتُتِح المنتدى بكلمة ضافية من حمد الكعبي رئيس «مركز الاتحاد للأخبار» استعرض فيها مسيرةَ المنتدى ودوره. ثم انتظم المنتدى في ثلاث جلسات دارت أولاها حول الرؤى الإماراتية لمواجهة التحدي المناخي، والثانية حول التغير المناخي وصناعة فرص الاقتصاد الأخضر، والثالثة حول التعاون الدولي لجَسر الفجوة بين الشمال والجنوب. وتحدث في هذه الجلسات الثلاث 12 متحدثاً من الإمارات ودول عربية أخرى، فضلاً عن باسكال بونيفاس مدير «معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية» بباريس، وجيفري كمب مدير البرامج الاستراتيجية بـ«مركز ناشيونال إنترست»، اللذين قدَّما مداخلتيهما عبرَ شريطين مصورين.
واتسمت المداخلات كلها بالتركيز، وساعدت الإدارة الحكيمة للجلسات في الخروج من كل جلسة بحصيلة واضحة للقضايا موضع البحث. ولا أُريد أن أُكرر على القارئ الكريم ما لا شك أنه تابعه عبر صحيفة «الاتحاد» ووسائل الإعلام المختلفة في الإمارات، لكني أود فحسب أن أُبدي ملاحظة أساسية تولدت لدي من متابعة المنتدى. وتتعلق هذه الملاحظة بهذا الجيل الجديد من القيادات الأكاديمية والفكرية الذي تُظهر الفعاليات العلمية والثقافية المختلفة التي تنظمها الإمارات على الدوام أنه بات يضطلع بدور رائد في كافة مناحي الحياة، وبالنسبة لمن هو من جيلي تُعَد هذه الملاحظة مؤشراً على سير الإمارات بثبات نحو المستقبل المشرق الذي تخطط له. وقد ظهر هذا بوضوح تام في جلسات المنتدى الثلاث، سواء من خلال إدارتها الحكيمة أو المداخلات القيمة التي قُدمت من هؤلاء الشباب المؤهلين تأهيلا علمياً راقياً. وكان لافتاً بصفة خاصة دور المرأة والفتاة الإماراتية، إذ شاركت في المنتدى كل من عائشة السويدي رئيس قسم المناخ بهيئة البيئة بأبوظبي، والدكتوره ابتسام المزروعي المدير التنفيذي وكبير الباحثين بالإنابة في وحدة الذكاء الاصطناعي بمعهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، بالإضافة للإدارة الحكيمة للجلسة الثالثة من الأستاذة نوف الكثيري.. وكانت مداخلاتهن ومداخلات زملائهن خير شاهد على قدرة هذا الجيل على المشاركة في صناعة المستقبل وتحقيق مزيد من الأمان والازدهار.
وهكذا كان منتدى الاتحاد الثامن عشر فاتحةَ خير لإنجاز جديد عظيم لدولة الإمارات، نرجو أن يصب في مصلحة الإنسانية التي باتت تواجه مخاطر جسيمة على نحو متزايد.

*أستاذ العلوم السياسية - جامعة القاهرة