سعدتُ بالمشاركة في «منتدى الاتحاد» السنوي الثامن عشر الذي عقد في أبوظبي الخميس الماضي، وكان موضوعه لهذا العام «كوب28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب». و«منتدى الاتحاد» نشاط سنوي غني وجامع وشامل ذو أهداف علمية واستراتيجية، وهذا دأب كل منتديات «الاتحاد» التي تعقدها كل عام بدون توقف منذ عام 2006. وقد خصصت «الاتحاد» النسخةَ الثامنة عشرة من المنتدى لتسليط الضوء على مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» الذي سيعقد في دولة الإمارات بمدينة «إكسبو دبي» خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر. وناقش المنتدى، بحضور صفوة من الكتاب والباحثين والمفكرين، محاورَ رئيسية حول مواجهة التحدي المناخي، وريادة بعض الدول مثل الإمارات في مجال العمل المناخي، ودور مبادرات حماية البيئة في تعزيز الوعي المناخي. كما بحثت محاورُ المنتدى حول أدوات إنقاذ الدول النامية من الخطر المناخي، وأسس التعاون الدولي لتغطية الفجوة بين الشمال والجنوب.
في مداخلتي خلال المنتدى قلتُ بأننا نعيش «مجزرة مناخية»، وما سنتركه للأجيال المقبلة لن يكون مصدر اعتزاز لها، فالتغيرات المناخية أضحت كارثية وسريعة أكثر من أي وقت مضى لتزيد من تأثيرها على حياة الإنسان عبر زيادة تواتر العديد من الظواهر الجوية القاسية. زد على ذلك أن بعض الظواهر، من قبيل ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه المحيطات، سيبقى غير قابل للحل إلى الأبد. والحرارة في العالم سترتفع بواقع 1.5 درجة مئوية، كما أن الجفاف والأمطار الطوفانية سيصبحان أكثر تواتراً. 
إن التلوث الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري في المصانع والسيارات والطائرات ومحطات توليد الكهرباء، مسؤول عن واحدة من كل خمس وفيات مبكرة على مستوى العالم. أما التنوع البيولوجي فهو آخذ في التدهور، إذ إن هناك ما يصل إلى مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض في إطار ما يسميه العلماء «الانقراض الجماعي السادس». 
وأضفتُ خلال تلك المداخلة: إن أكثر الدول مساهمَةً في التغير المناخي خلال العقود الأخيرة هي: الولايات المتحدة (24.5%) والصين (13.9%) وروسيا (6.8%) وألمانيا (5.4%) والمملكة المتحدة (4.6%) واليابان (3.9%) والهند (2.3%) وفرنسا (2%) وكندا (1.8%) وأوكرانيا (1.6%) وبولندا (1.5%)، ثم إيطاليا وجنوب أفريقيا والمكسيك (1.2% لكل منها)، فإيران (1.1%.).
والذي يدفع كثيراً ضريبة هذا التغير المناخي هو الدول منخفضة الدخل والتي تعاني من أسوأ حالات الجفاف والفيضان وارتفاع مستويات سطح البحر. وتشعر البلدان في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى والجنوبية بآثار ارتفاع درجات الحرارة أكثر من معظم دول العالم الأخرى. ونتذكر أنه في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، تعهدت الدول المتقدمة في عام 2009 بتقديم تمويل قيمته 100 مليار دولار سنوياً للدول النامية، بغية التخفيف من آثار التغيرات المناخية، وحتى الآن ما زلنا نسعى إلى الرقم ذاته، وهو ما يعني اعترافاً ضمنياً بفشل العمل العالمي المشترك. 

*أكاديمي مغربي