قلوبنا تعتصر ألماً لما نشهده من قصف غير مسبوق يقوم به الجيش الإسرائيلي، وغارات جوية وتوغلات برية وقصف شامل للأحياء والممرات لا يترك فرصةً لانتشال القتلى والمصابين.

إنه وضع يتواصل من دون توقف، ويتحول إلى كارثة لا يمكن احتمالها. ويحدث هذا على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمينها العام السيد غوتيريس الذي أعلن أن «الشعب الفلسطيني يتعرض على مدى 56 عاماً للاحتلال الخانق.. لقد رأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات بشكل مطرد».

وفي هذا الصدد، فقد أدانت دولةُ الإمارات العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة، معربةً عن قلقها البالغ جراء التصعيد العسكري الإسرائيلي، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تهدد بوقوع مزيد من الخسائر في الأرواح بين المدنيين. وشددت وزارة الخارجية الإماراتية على أن الأولوية العاجلة هي لإنهاء التصعيد العسكري ولحماية المدنيين، ولفتح ممرات إنسانية والسماح بإيصال المساعدات إلى غزة بشكلٍ آمن وعاجل.

وفي سياق متصل، أبدت المجموعة العربية، وضمنها دول شريكة للولايات المتحدة، تحفظات حقيقية على الطرح الأميركي تجاه إسرائيل، بل انتقدت السياسة الأميركية التي تعمل في إطار حسابات ضيقة تتعلق بالانتخابات القادمة، مما يقيد حركة الرئيس جو بايدن وفريق عمله، إذ يدافعون عن أمن إسرائيل، ضمن مصالح عليا تحكم السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط. إن إسرائيل جزء من المنطقة، ولذا فقد أقرت كل الأطراف بحقها في حماية أمنها، لكن ليس معنى ذلك نفي أمن الآخرين من العرب.

ورغم موقف الإمارات الواضح مما يحدث، فقد سعى بعضهم إلى اجتزاء وتشويه هذا الموقف، وبخاصة المرجفون من «الإخوان» ووسائل الإعلام التابعة لهم، ومنها بعض القنوات الرخيصة التي تمتهن التضليل الإعلامي وتسويق الكذب، رغم أن دولة الإمارات التي تأسست عام 1971 ليست مسؤولة عن الفترات التي أضاعتها جماعة «الإخوان المسلمين» تجاه قضية فلسطين، منذ أن قامت بريطانيا في عام 1928 بتأسيس هذه الجماعة التي لم تجنِ الأمةُ العربية من وراء وجودها سوى الخيبات والخيانات.

إن المزايدة برفع الشعارات لا تشكل موقفاً سياسياً مؤثراً وذي مصداقية لمناصرة فلسطين. وكما نعلم فإن هذه الجماعة التي لم تزل ترمي خيباتِها على بعض الدول العربية وتزايد على مواقفها الوطنية، لم تبرهن يوماً على دعواها وليس في سجلها إنجاز وطني واحد.

والسؤال الآن هو: هل ستطول الحرب حين تبدأ معركة الأنفاق؟ وماذا عن احتمالية اتساع نطاق الحرب قبل توقفها؟ يبدو «حزب الله» مُحرجاً، وذلك لعدم قدرته على التدخل والمشاركة، لذا نلاحظ أنه اعتكف عن الظهور مكتفياً بمناوشات خجولة على الحدود مع إسرائيل، حيث الأراضي اللبنانية المحتلة، وحيث الواجب الوطني يقتضي «تحرير مزارع شبعا اللبنانية» التي طالما تذرع بها الحزب لإضفاء الشرعية على احتفاظه بسلاحه.

وفي ما يخص إيران التي هي على «أعتاب النووي»، فهي تتفاوض مع واشنطن بشأن برنامجها الذري، ولن تفرط بـ«حزب الله» في سبيل حركة «حماس» وغيرها. وصورة تحرك الوكلاء الإقليميين توحي بتدخل من نوع ما في إطار ما يسمونه «وحدة الساحات». علينا أن نُجلّ ونكْبِر موقف دولة الإمارات وحراكها الدبلوماسي، الأممي والإنساني، لتبقى مسؤولية الإمارات، بأولوياتها الوطنية، هي حماية الأوطان ومكتسباتها.

*سفير سابق