ينعقد مؤتمر القمة العربية والإسلامية يومي الحادي عشر والثاني عشر من نوفمبر الجاري، من أجل غزة وفلسطين. وكانت فرنسا قد عقدت يوم الجمعة الماضي مؤتمراً إنسانياً، وضاعف الاتحاد الأوروبي مساعداتِه أربع مرات. كما بحث مؤتمر الدول السبع الكبار المشكلةَ نفسَها.  

  يختلف مؤتمر القمة العربي الإسلامي عن الاجتماعات الأخرى. فالدول العربية والإسلامية القادرة، ومنها دولة الإمارات، قامت وتقوم فعلاً بإرسال المساعدات. أما القمم الآتي انعقادها، فالمفروض أنها سياسية واستراتيجية إلى جانب تقدماتها الإنسانية.  

  مؤتمر القمة العربي  يريد أن يكون عودةً للعرب، إلى فلسطين والقضية الفلسطينية. فقد خرج العرب أو أُخرجوا من القضية الفلسطينية على مراحل. في البداية انقسم العرب بشأن أوسلو 1993، إذ عملت دول عربية كما هو معروف على إفشاله. وتنافس المعارضون لأوسلو مع الإسرائيليين على بلوغ ذلك الإفشال.

والمعروف أنه في ظل الانتفاضة الثانية انحازت الولايات المتحدة إلى إسرائيل بالكلية، فكانت تلك السنوات الكالحة بعد العام 2000، والتي شهدت رحيل الرئيس ياسر عرفات. ومع خروج إسرائيل من قطاع غزة عام 2005، كانت تلك المرحلة الثانية من الخروج من فلسطين، وبخاصةٍ بعد أن سيطرت «حماس» على القطاع عام 2007.  

  استفادت إسرائيلُ من الانقسام الفلسطيني، وصارت المفاوضات تتقطع إلى أن انتهت مع حكومات نتنياهو. ومن الجهة العربية ما بقي غير مصر التي كانت تتوسط بين إسرائيل و«حماس» عند نشوب المعارك والحروب! بينما حاول العرب الآخرون مصالحة «فتح» مع «حماس» مراراً دونما فائدة. لقد أرادت «حماس» بعد دويلة غزة أن تستولي من خلال شبانها ومناضليها على الضفة والقدس أيضاً.

ولا داعي لرواية التفاصيل فهي مضنية ومؤلمة، وبسبب عبثيتها رأت أطرافٌ عربية أنه لا فائدة من التدخل، وبخاصةٍ بعد حضور إيران ثم تركيا، في الملف الفلسطيني.     يحضر العرب في فلسطين من خلال ثلاثة أمور: المساعدات الهائلة، والمشاركة مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة في إعادة توحيد السلطة في الضفة وغزة، من خلال إدارة غزة. أما الخطوة الثالثة فتتمثل بالعودة إلى التفاوض على الحلّ السلمي، أي «حلّ الدولتين».  

  يختلف العرب مع الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار، ويتقاربون معها بشأن إدارة غزة وإعادة وضعها تحت قيادة السلطة الفلسطينية، وبشأن التفاوض على «حلّ الدولتين». هو التزامٌ لا يستطيع غير العرب القيام به، لأنهم يريدون السلام والاستقرار والتنمية. بينما يريد الآخرون إما استمرار الحرب، أو السلام من أجل السلام. ووجهة نظر المراقبين أنه ولو التزم العرب بكل شيء، فإنّ إسرائيل التي تغربت عن نفسها ومصالحها ستعترض على التفاوض ولو جاء من الغرب. وكذلك سيفعل الإيرانيون، في حين ليس من المعروف ماذا ستفعل تركيا.

لا بديل عن السلام العادل، وهو ما يريد العربُ الوصولَ إليه.  

 مؤتمر القمة العربي الإسلامي انعقاده عظيم، لأهميته، ولأنه يدافع عن الإسلام ومشهده العالمي بعد أن هاجت موجات الإرهاب وموجات الإسلاموفوبيا من جديد. وكانت الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز داعماً كبيراً في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل غزة. وتستطيع منظمة التعاون الإسلامي، بحجمها الكبير، أن تكون مؤثرةً في القرار الدولي، كما أنها ذات علاقات متشابكة مع سائر القوى الكبرى.

وبعكس ما يذهب إليه بعض المراقبين، فإنّ ظهور المسلمين مجتمعين لا يبعث على الرعب، بل على الهيبة والاحترام، فهم يجتمعون من أجل السلام والحل السلمي للقضية الفلسطينية وإنقاذ القرارات الدولية.

*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية