في الاتحاد قوة، وهذا الشعار الذي ترفعه الإمارات شاهده العالم مجسّداً على أرض الواقع وحقيقة راسخة يعيشها الإماراتيون، في ظل اتحادهم الذي حلّت الذكرى الـ52 له ودولتهم تشهد انعقاد الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، المؤتمر العالمي والحدث البارز الذي أكدت الإمارات من خلال استضافتها للمشاركين فيه القادمين من 198 دولة، وبحضور أكثر من 180 من رؤساء الدول والحكومات من حول العالم، أن اتحادها كان الأساس المتين الذي ارتكزت عليه منجزات الإمارات ونجاحاتها المتواصلة، وأحدثها النجاح في استضافة مؤتمر بهذا الحجم له أهدافه ذات المرجعية الواعية بأهمية حماية مناخ الكوكب، ودعم الدول المتضررة من التغيرات المناخية.
للاحتفال بعيد الاتحاد أهمية استثنائية في ظل الحضور العالمي الذي احتضنته الإمارات للمشاركة في المؤتمر، لأنه اكتسب أبعاد الاحتفال العالمي، حيث أتاح مؤتمر الأطراف عقد سلسلة لقاءات بين الملوك والرؤساء والقادة الذين حضروا المؤتمر، وبين قيادة دولة الإمارات المستضيفة لهذا الحدث الكبير، فأوصلت الإمارات رسالتها الحضارية إلى مختلف الأمم بالتزامن مع عيد الاتحاد، من خلال نجاحها في تنظيم المؤتمر واستضافة الحشود الكبيرة، وتسهيل تحركها في أرجاء مدينة إكسبو دبي، مقر انعقاد المؤتمر وساحة أنشطته المتنوعة.
هذا التزامن بين استضافة الإمارات لمؤتمر بهذا الحجم والأهمية الدولية، وبين احتفالها بعيد الاتحاد، أبرز قيمة الاتحاد في حياة الإماراتيين، وسلّط الضوء على دور الآباء المؤسسين في تفعيل الاتحاد وتحفيز الروح الوطنية لبناء دولة حديثة، استطاعت أن تجعل لنفسها مكانة عالمية، وأن تحقق العديد من الإنجازات في مختلف المجالات، فأصبحت وجهة لأهم الأحداث، مثل مؤتمر الأطراف الذي تتواصل فعالياته، وتنقل للعالم رسالة من الإمارات، مفادها أن الاتحاد يمثل العامل الأساسي للتقدم والريادة والابتكار والتميز، وأن اتحاد العالم على قيم ومبادئ داعمة لحماية المناخ والحد من آثار التغير المناخي، سيحدث الفارق الذي ينعكس بصورة إيجابية تسهم في تحسن مناخ عالمنا.

وبجانب النجاح التنظيمي والاستضافة الفاخرة للمشاركين في المؤتمر، فإن ما تحقق في المؤتمر وما اتخذ من قرارات يعد شهادة عالمية للإمارات، حيث سجلت هذه الدورة الاتفاق على قرار تاريخي يخدم العمل المناخي العالمي، وهو القرار باعتماد صندوق عالمي للمناخ للمساهمة في تلبية احتياجات الدول النامية المعرضة لتداعيات تغير المناخ، وهو القرار الذي دعمته الإمارات بقوة وبمبادرة عملية، حين أعلنت تقديمها مبلغ 100 مليون دولار للصندوق الذي سيكون له أثر إيجابي على حماية المناخ العالمي، فكان لموقف الإمارات أثر واضح وجوهري في دعم القرار عندما أعلنت التبرع للصندوق الذي حظي الإعلان عنه بترحيب الدول المشاركة في المؤتمر.

وهكذا اقترن احتفال الإماراتيين بعيد اتحادهم في الذكرى الثانية والخمسين بنجاحات يفخر بها كل إماراتي، لأن الدولة استضافت مؤتمراً للمناخ تنسجم أهدافه مع الرؤية الاستشرافية لقيادة دولة الإمارات التي ساهمت في اتخاذ خطوات رائدة وسباقة لتعزيز العمل المناخي العالمي، ودعم الدول والمجتمعات الأشد احتياجاً بفعل تضررها من تغير المناخ.

كما يأتي مرور 52 عاماً على قيام الاتحاد، وقد حققت الإمارات مسيرة ناجحة في التنمية الاقتصادية المستدامة، بتركيزها على حماية وضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة، وبمساهمتها في التبرع للصندوق العالمي الجديد تتوج الدولة جهودها العديدة التي بذلتها خلال السنوات الماضية في مجال العمل المناخي العالمي، من خلال العديد من المبادرات والمشاريع والبرامج والشراكات التي هدفت إلى تعزيز الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والطاقة النظيفة والمتجددة والحد من الانبعاثات الغازية والتكيف مع تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي والتراث الثقافي والطبيعي.
*كاتب إماراتي