في مفاجأة سارة وتاريخية خلال مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ «كوب28» المنعقد في دبي، وافق ممثلو الدول المشاركة في المؤتمر على تنفيذ إنشاء صندوق آن أوانه، من شأنه أن يدفع تكاليف الأضرار الناجمة عن العواصف والجفاف بسبب التغير المناخي. ويفهم المتتبعون للاجتماعات والقمم الدولية أن مثل هاته الصفقات والقرارات يتم تبنيها بعد أيام من المفاوضات الشاقة وفي اللحظات الأخيرة، ونجح رئيس «كوب 28» في اليوم الأول من مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ أن يحدث مفاجأة من خلال طرح قرار تنفيذ إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ. وعلى الفور، أعلنت دول ومجموعات مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وآخرون عن مساهمات يبلغ مجموعها نحو 400 مليون دولار للدول الفقيرة التي تعاني من آثار تغير المناخ.
وكانت الدول المشاركة في مؤتمر كوب27 العام الماضي، اتفقت على إطلاق صندوق تعويض الخسائر والأضرار، وهو اتفاق نال إشادة الدول الأكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية وهي تطالب منذ زمن طويل بالدعم لمواجهة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ.
ودولة الإمارات العربية المتحدة هي غير ملزمة حالياً بالمساهمة في صناديق الأمم المتحدة للمناخ لكنها التزمت، بمبلغ 100 مليون دولار لمواجهة الخسائر والأضرار، «وهو إنجاز مهم في تقديم المساعدة للدول الضعيفة وبناء القدرة على الصمود للأشخاص الذين يعانون من الآثار المدمرة لتغير المناخ» وفق ما جاء في الصفحة الرسمية للمؤتمر.
ونحن نعلم أن الذي يدفع كثيراً ضريبة هذا التغير المناخي، هي الدول منخفضة الدخل والتي تعاني من أسوأ حالات الجفاف الشديد والفيضانات وارتفاع مستويات سطح البحر حتى لو كانت انبعاثاتها منخفضة، وتشعر البلدان في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى والجنوبية بآثار ارتفاع درجات الحرارة أكثر من معظمها، لذا نجد أن الدول الأكثر تضرراً في السنين الأخيرة هي على التوالي: موزمبيق (شرق أفريقيا) وزيمبابوي (جنوب أفريقيا) وجزر البهاما (المحيط الأطلسي/جنوب شرق الولايات المتحدة) واليابان، وملاوي (جنوب شرق أفريقيا) وأفغانستان وباكستان والهند وجنوب السودان، والنيجر، وبوليفيا (غرب أميركا الجنوبية) وتايلند ونيبال وميانمار وهاييتي والفلبين...
أما بالنسبة للدول الأكثر مساهمة في التغير المناخي على مستوى العقود الأخيرة، فهي: الولايات المتحدة (24.5%) والصين (13.9%) وروسيا (6.8%) وألمانيا (5.4%) والمملكة المتحدة (4.6%) واليابان (3.9%) والهند (2.3%) وفرنسا (2%) وكندا (1.8%) وأوكرانيا (1.6%) وبولندا (1.5%)، ثم إيطاليا وجنوب أفريقيا والمكسيك (1.2%)، فإيران (1.1%.)...
صحيح أنه قد تم صنع التاريخ في «كوب28» بمدينة دبي، فهي المرة الأولى التي يتم فيها اعتماد قرار في اليوم الأول لأي مؤتمر من مؤتمرات الأطراف. والسرعة التي أخذ فيه هذا القرار تعتبر تاريخية أيضاً، وهذا دليل على أن دول المعمورة تستطيع الإنجاز، وتستطيع تحويل الأقاويل والتقارير إلى أفعال حقيقية، وللحديث بقية.
*أكاديمي مغربي