تعد دول الخليج العربي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة في الشرق الأوسط، حيث تلعب دوراً حيوياً في تشكيل السياسة الإقليمية وتأثيرها. وتتميز دول الخليج بدورها الفاعل في التوسط والمساعي في حل القضايا العربية المختلفة، وهي تتبنى مواقف داعمة تجاه هذه القضايا، وتقدم الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني للدول العربية الأخرى، وتسعى جاهدة لتحقيق المصالح المشتركة والتعاون الإقليمي لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة العربية.

وبالإضافة إلى ذلك، تلعب دول الخليج دوراً حيوياً في دعم القضايا الاقتصادية والتنموية في العالم العربي، إذ تقدم كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية استثماراتٍ كبيرةً في مختلف القطاعات الاقتصادية، ما يسهم في تعزيز النمو وخلق فرص العمل في الدول العربية. ولا يقتصر الأمر على الدعم الاقتصادي فقط، بل تلتزم دول الخليج أيضاً بتقديم الدعم الإنساني والإغاثي للدول العربية المتضررة من الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية.

ورغم حداثة دول الخليج زمنياً من ناحية التأسيس، قياساً إلى الدول العربية الأخرى، إلا أنها استطاعت أن تسابق الزمن وتبني نهضاتها وكياناتها الناهضة، وقد استفادت من اكتشاف النفط لديها لبناء الأوطان، وتحقيق ازدهارها حضارياً وصون إنسانها ورعايته، خلافاً لبعض البلدان الأخرى التي لم تنجح في ذلك.

وحين تعرضت بعض الدول العربية لاعتداءات أجنبية في أكثر من مرة وأكثر من أزمة وقضية، انبرت دول الخليج للمساهمة في العمل على حل هذه الأزمات ومعالجتها، وأعلنت موقفَها المساند للحقوق العربية بكل صدق وشجاعة، ولا ننسى أنها هددت بمنع تصدير النفط عام 1973 واستخدمته كسلاح رادع وفعال في حادثة تاريخية معروفة، مما أثار وقتَها غضبَ الولايات المتحدة الأميركية والغرب ككل، حيال هذا القرار الشجاع الذي أربك القوى الكبرى، حتى إن عبدالله بشارة، أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي، صرح في حوار تلفزيوني لقناة «إم بي سي»، قبل أعوام من الآن، بأن بعض الدول العربية في ذلك الوقت اكتفت بالخطابات النارية دون أي إجراء عملي على الواقع، ولم تمتلك الشجاعة لاتخاذ قرار مشابه لما قامت به في حينه ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والكويت.

ومن المؤسف حالياً، وفي ظل الحرب القائمة في غزة، ما تتعرض له دول الخليج من افتراء وتدليس على أيدي بعض الأقلام المتلونة والمؤدلجة، عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، لأسباب نعرف أهدافها ونواياها ودوافعها، متجاهلين الحقائق الأساسية لهذه الحرب وملابسات اندلاعها!

وما يثير العجب هو بعض الإخوة العرب الذين أضاعوا البوصلة، وأعماهم الحقد والحسد والكراهية، ليصبّوا جام غضبهم على أشقائهم في دول الخليج ممن هبوا لمساعدتهم ونجدتهم وإغاثتهم منذ بداية الأزمة وما زالت القوافل الإنسانية مستمرة.. وتأتي هذه الاتهامات من جانب هؤلاء حيال دول الخليج في ظروف حساسة للغاية، تحتاج منا جميعاً تكامل الجهود ورص الصفوف ورفع المعنويات وشحذ الهمم.. وكان الأولى بهم صناعة خطاب إعلامي موحد يعي ويستوعب ما يحيط بنا من أخطار جسام وصعبة للغاية، تهدد الأمن القومي العربي بمجمله، والذي جنى عليه -بكل أسف- بعض أبنائه المارقين، وأصبحوا أكثر تطرفاً من الخصوم والأعداء. رحم الله الإمام الشافعي الذي قال:جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن عرفتُ بها عدوي من صديقي

*كاتب سعودي