إطلاق الحكومة وثيقة المبادئ الاقتصادية، التي تنسجم مع مبادئ الخمسين، تمهد الطريق لتقوية ركائز النمو المستدام والرقمنة والشفافية والتطوير المؤسسي والتنمية البشرية والاقتصادية، استمراراً لجهود الإمارات لتعزيز مقوماتها للنمو الاقتصادي المستدام وتطوير بيئة الأعمال، حصدت الإمارات المركز الأول في مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية، ضمن العدد السابع للتقرير الصادر عن صندوق النقد العربي في 22 ديسمبر 2023، وجاءت قطر في المركز الثاني، وتلتهما السعودية وسلطنة عُمان والكويت والبحرين على الترتيب. 
الجدير بالذكر أن البحرين والسعودية ومصر والسودان قد حافظت على تنافسيتها بالفترة (2019-2022)، مقارنة بالفترة (2018-2021)، بينما تحسن الوضع التنافسي لتسع دول، وهي الإمارات والأردن والجزائر والعراق وعُمان وقطر والكويت وليبيا واليمن، وقد تراجعت تنافسية كل من تونس ولبنان والمغرب وموريتانيا، خلال الفترة نفسها. 
تتميز دولة الإمارات باستقرار بيئتها الاقتصادية الكلية، فقد جاءت في مراكز متقدمة بين الدول العربية في مؤشر الاقتصاد الكلي ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار ضمن المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية، واستحوذت على المركز الأول في مؤشر قطاع مالية الحكومة، والمركز الثاني في مؤشر العبء الضريبي.
في هذا الإطار، تشير توقُّعات صُندوق النقد الدولي إلى مُواصلة نُمو الناتج الإجمالي الحقيقي للإمارات بمعدل 4.5% بعام 2028، وبمتوسط 4.1% للفترة (2023-2028)، مع توقُّع انخفاض معدل التضخم إلى نحو 3.1% في عام 2023 من 4.8% في عام 2022، وتراجعه إلى 2% بالفترة (2025-2028)، وبلوغ متوسط نسبة الفائض الأولي بالميزانية إلى الناتج الإجمالي نحو 5.4%، خلال الفترة (2023- 2024)، وتراجع الدين العام، بحيث تبلغ نسبته إلى الناتج الإجمالي 29.4% في عام 2023، وبمتوسط 28.1% للفترة (2023-2028).
فيما يتعلق بجاذبية بيئة الأعمال في الإمارات، يحتضن «سوق أبوظبي العالمي» اليوم أكثر من 5 آلاف شركة، مقارنة بنحو 46 شركة فقط في عام 2016، كما نجحت الدولة في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بحوالي 23 مليار دولار عام 2022، وتستهدف استثمارات بـ160 مليار دولار في قطاعات صناعة الفضاء والغذاء والزراعة والرعاية الصحية والنقل والطاقة المتجددة، فضلاً عن الفرص الواعدة للصناعة الوطنية لجذب الاستثمارات بمجالات الطيران والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين والصناعات الغذائية والبتروكيميائية. 
في هذا الإطار، تشير توقُّعات صُندوق النقد الدولي إلى تسارُع وتيرة الاستثمارات بالاقتصاد الإماراتي، مقارنة بنظيرتها قبل جائحة كوفيد- 19، بحيث تبلغ نسبة الاستثمار إلى الناتج الإجمالي نحو 25.9% في عام 2023 مقابل 23.8% بعام 2022، وتقديرات ببلوغها 26.6% في عام 2028.
وتشير الخطوات التي تتخذها الدولة بهذا الخصوص إلى ترسيخ النجاح الحالي، وتوسيع آفاقه مستقبلاً. ويمكن التأكيد على ذلك من خلال الإشارة إلى «وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات» للسنوات العشر المقبلة، التي أقرتها الحكومة في نوفمبر 2023 ضمن أعمال الاجتماعات الحكومية السنوية، وتضمنت عشرة مبادئ تمثل خريطة طريق تحدد مرتكزات المرحلة القادمة، وهي: اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، استقطاب أفضل الكفاءات الاقتصادية، الاستثمار في الاقتصاد الرقمي، توفير الفرص المتنوعة للشباب، بناء اقتصاد مستدام ومتوازن، والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة، حماية استقرار أنظمة الدولة المالية، التطوير المستمر للتشريعات الاقتصادية، الشفافية والمصداقية وسيادة القانون، أفضل نظام مصرفي لتعزيز زخم النمو الاقتصادي، وأفضل بنية تحتية لوجستية في العالم.
ومما لا شك فيه أن إطلاق الحكومة وثيقة المبادئ الاقتصادية، التي تنسجم مع مبادئ الخمسين، تمهد الطريق لتقوية ركائز النمو المستدام والرقمنة والشفافية والتطوير المؤسسي والتنمية البشرية والاقتصادية، ما يعزز تنافسية الاقتصاد الوطني إقليمياً وعالمياً.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية