لطالما حثت انتباهنا وتركيزنا تلك الاستعراضات المعلوماتية التي تتوج بعنوانها: «هل تعلم؟»، إذ لا تنفك تجذب الإنسان، كبيراً كان أم صغيراً إلى تلك المواد المعلوماتية، وهذا جزء طبيعي من فطرة الإنسان الساعية للعلم والتعلم على الدوام، باعتباره سلاحاً يغير ترتيب موقع الفرد على سلم المعرفة والثقافة.
لكن في خضم تفاصيل الحياة التي تشغلنا عن السبر العميق في سبل تطوير الذات، والدفع بالمهارات.. هل علينا أن نعرض أنفسنا للضغط المضاعف، أم أنه يمكننا «إنجاح» مشاريع المستقبل ونحن في وضعية التمدد على أريكة مريحة؟ إن ما يتبادر لعقلك من إجابة في هذا الصدد لا يبدو خاطئاً، ولكنه قد لا يكون مثالياً، إذ لا يتوجب بذل الجهد البدني دائماً من أجل النجاح في تحقيق أمر ما من الأمور، لا سيما بعد ما اكتشفته الدراسات من إنجازات وفروقات في الأداء لدى الأشخاص الذين قاموا بالتدرب على إنجاز أمور هامة، علاوة على وجود فروقات بينهم في الخيال أو القدرة على التخيل!
نعم، إن قوة العقل عند إطلاق جماحها بالتضافر مع قوة الخيال تقوم بما لا يمكن توقعه في مضمار النجاح والإبداع والابتكار والاكتشاف والتوقع والتصور، وهذا تقريباً ما حصل جانب منه على الأقل مع الطيار الحربي الأميركي المعروف «جورج هول» الذي استثمر فترة السبع سنوات التي مكثها أسيراً في فيتنام، وبداخل صندوق حالك الظلمة، حيث ظل يتخيل نفسه يلعب الغولف، حتى حاز مرتبةً متقدمةً في أول مباراة دولية شارك فيها بعد أسبوع واحد فقط على تحريره من الأسر. وهذا ما دعمته الدراسات النفسية التي قلبت الفهم الخاطئ المتعلق بالإنجاز والنجاح، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السعادة. فالإنسان من خلال استعمال خياله وتصوراته واعتداده بأمل طيب يوافق طموحه، يستطيع أن يبدع، وأن يحقق الكثير من النجاحات.. وكما يقال: «تفاءل بما تهوى يكن» و«تفاءلوا بالخير تجدوه». وهذا يوافق ما أورده أبو هريرة من أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم «كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة»، وما قيل من أن الكلمة الطيبة الصالحة تبعث الاطمئنان والراحة في النفس، لا سيما في أوقات الكرب، فتعطي الإنسان بشرى لرفع الكرب، بحسب ما ورد في التأويل.
إن هرمون الدوبامين أو «هرمون السعادة»، هو مادة كيميائية، وناقل عصبي في الدماغ، وإن أي اختلال فيه يؤثر بشكل مباشر على النشاط البدني، والسلوك العاطفي، في حين أن تنشيط إنتاجه وتدعيم وجوده من خلال العديد من الطرق والوسائل الطبيعية التي يعتبر التأمل (الخيال) أحدها، من شأنه أن يزيد قدرة الإنسان على استثمار الفرص وتمهيد الطريق المثالي إلى النجاح في مظلة «واعية» من السعادة، والكثير الكثير من «رحلات الخيال المبدع»! فأين ستوجه خيالك اليوم؟

*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة