فيما يُعدُّ تقديراً عالمياً جديداً مُستحقاً، احتلت دولة الإمارات المرتبة العاشرة في مقياس «القوة الناعمة العالمي» للعام 2023، لتصبح الدولة العربية والشرق أوسطية الوحيدة التي تدخل قائمة العشر الكبار، من بين 193 دولة شملها التقييم، الذي أعدته مؤسسة «براند فاينانس» العالمية، وأعلنته خلال المؤتمر السنوي للقوة الناعمة في لندن.
وقد ظهر مُصطلح القوة الناعمة عام 1990، حينما عرَّفه جوزيف ناي، عالم السياسة وعميد كلية كينيدي بجامعة هارفارد الأميركية، بأنه «قوة الجذب والاستقطاب وقوة الإعجاب بدولة، وأسلوب الحياة الذي تعيشه، ومكوناتها الاقتصادية والسياسية وغيرها، وقادتها السياسيين».
وقد استند تقييم مؤسسة «براند فاينانس» للقوة الناعمة إلى 55 مؤشراً أساسياً وفرعياً، صُممت لقياس السمعة الإيجابية للدول، وفاعليتها، وقدرتها على التأثير، وذلك عبر استطلاع للرأي، شمل أكثر من 170 ألف شخص من كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، بهدف تحديد تصوراتهم حول أمور تشمل: البيئة الاستثمارية، والمنتجات، والخدمات، والعيش، والعمل، والدراسة...إلخ.
وفي هذا الإطار، احتلت دولة الإمارات مراتب متقدمة للغاية في جميع المؤشرات سالفة الذكر. إذ حققت المرتبة الأولى عالمياً في محور «قوة الاقتصاد واستقراره»، والثالثة بمحور «فرص النمو المستقبلي»، بعد إنجازاتها في تحقيق النمو المستدام، وتنويع مصادر دخلها، وتوفير بيئة مواتية لنمو التجارة وجذب الاستثمارات، والتقدم التقني والابتكار، وحصدت الإمارات المركز الثامن في محور «التكنولوجيا والابتكار»، والمركز العاشر في محور «الصورة الإيجابية» كمركز للتجارة والأعمال.
كما حلّت دولة الإمارات في المرتبة الثالثة، وفقاً لمؤشر «الكرم والعطاء»، ما يعكس قيمها الأصيلة، والتزامها مساعدة الآخرين، عبر مبادرات إنسانية متواصلة في أوقات الرخاء والمحن. وحققت أيضاً المرتبةَ التاسعة في محور «الأمن والأمان»، ما يؤكد جودة الحياة فيها، ونجاحها من خلال منظومتها الدفاعية والشرطية، في نشر الشعور بالأمان لدى مواطنيها والمقيمين فيها وزائريها، وهو ما لمسه الجميع خلال استضافتها العديد من الفعاليات العالمية، مثل «إكسبو 2020»، و«كوب 28» و«القمة العالمية للحكومات».
حققت الإمارات أيضاً المرتبة العاشرة في محور «التقدير العالمي للقيادات»، في إشارة واضحة تبرز المكانة العالمية التي بلغتها القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يحرص عبر سياسة خارجية متوازنة على نشر قيم التسامح والأخوّة الإنسانية والتعايش المشترك، بهدف بناء جسور السلام بين الدول والشعوب والأمم المختلفة، وترسيخ التنمية الدولية، وتعزيز العلاقات مع دول العالم كافة، لما فيه مصلحة الشعوب وخيرها، وهو ما أكده حصول الإمارات على المرتبة الثامنة في محور «التأثير في الدوائر الدبلوماسية»، ما يعكس حضورها الوازن في القضايا العالمية والإقليمية كافة.
حصدت الإمارات أيضاً المرتبة العاشرة في محور «متابعة الجمهور العالمي لشؤونها»، وذلك بفضل جهود مؤسساتها الإعلامية في إبراز إنجازاتها في كل القطاعات، وبناء قنوات التواصل الفعال مع الجمهور ووسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
ومما لا شك فيه أن ما حققته دولة الإمارات من إنجازات يأتي تتويجاً طبيعياً للفكر الرصين لقيادتنا الرشيدة، وقدرتها على قراءة الواقع واستشراف المستقبل، خاصة منذ تشكيل «مجلس القوة الناعمة»، وإطلاق الدولة استراتيجيتها للقوة الناعمة عام 2017، مستهدفة: تطوير هوية موحدة للدولة في المجالات كافة، وتعزيز موقعها عاصمة عربية للثقافة والفن والإعلام والسياحة والعِلْم، وترسيخ سمعتها دولة حديثة، ومنفتحة، ومتسامحة.
إن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات إذ تضع الإنسان دائماً في المقام الأول، فإنها تدرك جيداً أن ما حققته من إنجازات في مقياس القوة الناعمة يفرض عليها مواصلة الصعود نحو قمم جديدة لا حدود لها، وصولاً إلى تحقيق الحلم الكبير بأن نصبح الدولة رقم واحد في العالم، وفقاً لمئوية الإمارات 2071.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية