حرصاً منها على الحفاظ على مكتسبات «كبار المواطنين»، تضع دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أولوياتها الاهتمامَ بإبراز الدور الذي يؤديه هذا الجيل من الآباء والأجداد، وتقدير مساهماتهم المهمة في مسيرة بناء الوطن، وهو ما أوضحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بقوله إن «كبار المواطنين هم كبار في الخبرة وكبار في العطاء، ولا يمكن تحقيق التماسك الأسري والتلاحم المجتمعي إلا بضمان الحياة الكريمة لهم».

ويحرص أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، على التقاء كبار المواطنين بصورة دورية، من أجل الاطمئنان على توفير كلّ ما من شأنه تعزيز راحتهم، وتيسير كل مقومات الحياة الكريمة التي يستحقونها.

وبالقدر نفسه، فإن كبار المواطنين يحظون بتقديرٍ مجتمعي عالٍ، ينبع من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والقيم المجتمعية الأصيلة التي تتوارثها الأجيال في دولة الإمارات جيلاً بعد جيل. وقد كشف حلول دولة الإمارات في المرتبة الثانية والعشرين بحسب «التقرير العالمي للسعادة 2024»، الذي يُصنِّف سنوياً الدولَ والأجيالَ الأسعد في العالم، أن كبار المواطنين هم الفئة الأكثر سعادةً، ويُعدُّ ذلك شاهداً على ما يحظون به من اهتمام في دولة الإمارات في إطار رؤيتها المستقبلية الرائدة عالمياً لهذه الفئة من مواطنيها. كما يؤكد الدورَ المحوري الذي تضطلع به الدولة في هذا السياق، إسهامُها المؤثرُ في تعزيز ريادة الشرق الأوسط في أجندة الرعاية الإنسانية العالمية.

وقد تضمَّنت «السياسة الوطنية لكبار المواطنين»، التي أطلقتها الدولة عام 2018، أربعة أهدافٍ استراتيجية، وسبعة محاور رئيسية هي: الرعاية الصحية والتواصل المجتمعي والحياة النشطة واستثمار الطاقات والمشاركة المدنية والبنية التحتية والنقل والاستقرار المالي والأمن والسلامة وجودة الحياة المستقبلية، هذا إلى جانب 26 مبادرة ومشروعاً فريداً ومبتكراً. فقد كان إطلاق دولة الإمارات تسميةَ «كبار المواطنين» بدلاً من «كبار السن» في «السياسة الوطنية لكبار المواطنين»، إشارة مهمة إلى عمق التقدير والاحترام الذي تسعى الدولة إلى التعبير عنه تجاههم، ونظرتها إليهم بوصفهم كباراً في خبراتهم وفي إخلاصهم وعطائهم الذي لا ينضب للوطن والإنسانية.

كذلك اعتمدت حكومة دولة الإمارات القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2019 بشأن حقوق «كبار المواطنين»، الذي نصَّ على أن مصطلح «كبار المواطنين» ينطبق على كلِّ مَن يحمل جنسية دولة الإمارات وبلغ سن الستين.

ويهدف القانون إلى ضمان تمتُّع «كبار المواطنين» بالحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور، والمعلومات والخدمات المتعلِّقة بحقوقهم، وتوفير الرعاية والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم.

ويضمن القانون لـ«كبار المواطنين» مجموعةً كبيرةً من الحقوق إعلاءً لشأنهم وعرفاناً لما بذلوه من تضحيات، منها الحقّ في الاستقلالية والخصوصية بما يشمل حقَّهم في اتخاذ القرارات الخاصة بممتلكاتهم وأموالهم ومكان إقامتهم وغيرها، والحقّ في الحماية مِن التعرُّض للعنف والإساءة والإهمال، والحقّ في البيئة المؤهّلة والسكن والتعليم والعمل، والحقّ في الحصول على الخدمات الاجتماعية عبر مؤسَّسات «كبار المواطنين» والأندية والمراكز المجتمعية ووحدات الرعاية المتنقلة، والحقّ في الرعاية الصحية عبْر توفير الرعاية الصحية والوقائية وتوفير التأمين الصحي والتمريض المنزلي والأجهزة المساندة، والحقّ في الحفاظ على سريّة معلوماتهم وبياناتهم وعدم الإفصاح عنها، إلا بموجب القانون. ولكل ما سبق، لم يكن غريباً أن كبار المواطنين هم الأكثر سعادة من بين الفئات العمرية في الدولة، وفقاً لنتائج «التقرير العالمي للسعادة 2024»، في ظل إيمان الدولة بأن سعادة أبنائها جميعاً هدف يستحق العمل ليل نهار من أجل تحقيقه، وأن كبار الموطنين، بشكل خاص، يجب أن يكونوا في طليعة من يحظون بالسعادة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.