جميل هذا السباق الثقافي بين مدن الدولة، وهو استدراك جاء متأخراً عند البعض، ولكن يقفز مثل قفز الغزلان في البرية، سباق يسعد الناظرين، ويفيد المحبين للثقافة التي لم تكن في الأزمنة القديمة تساوي ''شوتة'' كرة قدم· لقد احتاج الأمر صبراً طويلاً من محبي الثقافة أو المثقفين القدامى الذين ظلوا يحلمون بمطبوعة أو مكتبة أو صالة، بل حتى أدوات مكتبية وأقلام وأوراق ومساحة لعرض نصوصهم المسرحية أو إقامة ندواتهم الثقافية· عادة ما تكون أصغر غرفة في مؤخرة ناد رياضي أو غرفة فصل في مدرسة أو حتى عريش بناه البعض ليكون مقراً للنشاط الثقافي· يا الله! كم صبر الرعيل الأول من عشاق الثقافة والفكر·· لا أحد يلتفت إليهم أو يساعدهم أو يساند أحلامهم الصغيرة، لأنها الثقافة التي لا تؤكل عيشاً عند البعض، ولكنها تنمي فكراً ومعرفة ووعياً مختلفاً، يمضي المحبون في الطريق وهم يبنون درجاً بعد درج وخطوة تقود إلى خطوات أكبر· ينفرج العالم ويتواصل، وتؤكد الثقافة والمعرفة أنها هي المرايا الحقيقية للوعي، وهي مقياس التحضر والتقدم، ليس احتفالات التهريج ولا القصور وحدها ولا المظاهر الكاذبة ولا كنوز الذهب والفضة أو الأموال الطائلة، ولا انتفاخ الأوداج والصهيل والبهرجة واللهو· ؟؟؟ ظهرت مدن عظيمة بحضارتها وثقافتها وفنونها، تقدم العالم بالمعرفة والعلم والثقافة والفكر، وحدهم الحالمون بأن طريق التقدم يأتي من بوابة الثقافة والمعرفة تصدق أحلامهم بعد زمن طويل من مسيرة البحث عن وجود للهم الثقافي ودفعه إلى الأمام· الآن يدرك الجميع أهمية الثقافة في الإمارات، وتتسابق المدن في التنويع الثقافي والاهتمام بالثقافة، صحيح أن الكثير ينشد الدعاية والإعلام والبهرجة، ولكن الفائدة عائدة بالتأكيد على المناخ الثقافي والمعرفي والفني· فأهلاً بسباق الثقافة الجميل· Mubarak@hotmail.com_