ساعتان فقط قضيتهما مع ''كتاب'' سلوى النعيمي ''برهان العسل''· وهو كتاب، لأنه بحسب التعريف القاموسي فإن الكتاب هو ''صحائف مكتوبة أو مطبوعة مصنوعة من الورق أو مادة أخرى، ومثبتة مع بعضها من جهة واحدة حتى يسهل فتحها· وقد يكون الكتاب مغلفاً بطريقة تحفظه سليماً''· يستحق ''برهان العسل'' هذا التعريف، تجنبا لاستخدام التعريف الذي وضعه الناشر على غلافه الأول، والذي يشير إلى أن تلك الصحائف هي رواية· فعمل النعيمي يحتاج إلى برهان يدلل على صنفه الأدبي، يكون من بنيته وسياقه، تماما مثل قول ابن عربي الذي نقلته في صفحاتها من أن ''برهان حلاوة العسل هو العسل نفسه''· يفتقر هذا الكتاب إلى ذلك البرهان· فالنص الموجود بين الدفتين هو نص فحسب، لا يربطه حدث أو سرد أو بنية فنية أو شخصيات· نقرأ في 150 صفحة من القطع الصغير، عن شخصيات واهية، بلا ملامح، أو حضور، أو حتى أسماء· شخصيات تطل وتغيب بلا أثر، إلا ما يجعل النص مستمراً· حتى ''الرواية'' تبدو وكأنها ذات صورة مغبشة، لا يتضح من معالمها غير البعد الشبقي· وهو بعد تلح عليه المؤلفة، حتى يصبح هو البطل، هو قالب النص وموضوعه، هو الالتباس الذي تغيب تحت عباءته كل العناصر الأخرى، وهو الوضوح الفضّاح: فلا حضور صريح في النص، إلا للاتصال الجنسي بين اثنين، ولا أسماء مؤكدة إلا للأعضاء التناسلية· من حق النعيمي، أو غيرها، أن تختار الموضوع الذي تريده لكي تصيغ منه نصاً· ومن حقها، أن تتكئ على كتب التراث لكي تستخرج منها مقتبسات تنفعها في تضفير نص ''أيروتيكي''، يستل مشروعيته العصرية من وثائقيته· لكن مسألة التصنيف الأدبي، هي مسألة علمية، لا تدخل في نطاق الحقوق المشروعة للمؤلف والناشر· ويبدو أن استسهالاً ساد في السنوات الأخيرة، يروّج لكتب شعرية أو روائية لا تنتسب إلى هذين الجنسين إلا بالاسم· وفي مجال الرواية بالذات، نلاحظ أن أعمالا كثيرة صدرت تحت هذا العنوان، لا تمتلك من مواصفات العمل الروائي إلا مشهدا واحدا، يبسطه المؤلف ويشد أطرافه ويذيّل سياقاته لكي يكتسب على غلافه صفة الرواية· وحتى هذا النوع لا ينضوي تحته كتاب النعيمي· فـ''برهان العسل''، ككتاب ممنوع، الذي وصلتنا طبعته الثالثة، هو فرية أطلقها أحدهم في وسائل الإعلام فصدقها الرقيب والقارئ، واستثمرتها المؤلفة وناشرها ومنشورها عادل علي adelk58@hotmail.vom