تدور أحداث هذه الرواية في رأس الخيمة، حيث تبدو الحياة صعبة، لأزمنة لم يصمد في وجهها غير الأشداء من الناس، وذلك للظروف القاسية التي يمر بها ساحل عُمان، فلا حياة لغير الذي يستطيع أن يمتطي البحر أو يحرث الصحراء أو ينحت الجبال أو يفني حياته وعمره في حرث أرض لا تعطي الكثير، لذلك جاء البحر ليكون هو المصدر الأهم في حياة الناس، والذي لا يركب البحر أو يقوى على مواجهة العواصف والأنواء والسفر البعيد لا يستطيع أن يكون له وجود مؤثر ولا مسكن يستطيع أن يحمي أسرته، ولا تجارة أو ثروة لديه، ومن هذه النقطة يلتقط الكاتب والأديب د· علي عبدالعزيز الشرهان موضوع روايته (عبود تاجر الفريج)· وعلى الرغم من أن الأحداث الأكثر إثارة والأهم هي الجدلية بين البحر والانسان وصراع العواصف والأمواج والموانئ البعيدة وتقلبات الحياة على هذا الساحل الطويل، فإن الكاتب يجد الأهم هو كفاح ذلك الشاب الذي برز منذ ولادته وهو الفرد المختلف عن أقرانه، والذي كبر أكثر من عمره، ولعل فطنته المبكرة وتشربه نصائح أمه ومعرفته لشقاء والده الذي يعمل أجيراً عند النوخذا صاحب المراكب السفارة بين الموانئ البعيدة، ووعيه بأن يجب أن يكون شيئاً مختلفاً عن هؤلاء الصغار الذين لا يشعرون ربما بالمعاناة الكبيرة الإجتماعية والنفسية والاقتصادية، حيث إنهم أي هو وأسرته اجراء عند ذلك النوخذا الطيب، فالأم تشتغل في منزل النوخذا، كما يعمل والده في السفن التي يملكها هذا الرجل، ولهذا يفطن بطل الرواية (عبود) منذ الوعي الأول بالحياة، حيث يعمل على أن يعين والديه بأي قدر من الجهد، ولم يجد أمامه غير أن يشتغل بالبيع البسيط لأقرانه من الأطفال، أو جمع الصخور من البحر والمعادن من القمامة، وأيضاً بيعها على المشترين، وفي النهاية يعمل على بناء دكان صغير في زاوية المنزل (السعفي) يبيع فيه الحلاوة والألعاب النارية وكل جديد زهيد في السوق ويحبه الأطفال، ولكن هذه التجارة الصغيرة تنهار بعد موت والدته، التي يحبها كثيراً، وعندها يكون عمره قد وصل إلى سن المراهقة ولا يجد له عزاء في رأس الخيمة بعد هذا الفقد الكبير، لذلك يطلب من والده والنوخذا أن يعمل على سفينة السفر التي يعمل عليها والده، وبعد أن يوافق النوخذا، يبدأ بعمل صغير، وهو معاونة مسؤول محرك السفينة، ولفطنة هذا الفتى الذكي ينجح في عمله ويصبح أحد البحارة الذين لا يمكن أن يستغني عنهم النوخذا· ويطوف عبر البحار والمحيطات كل الموانئ البعيدة من الخليج العربي إلى الهند وأفريقيا، يتعرض هناك إلى الخطف والاحتجاز، ولكن في نهاية الأمر ينجو ويعود إلى رأس الخيمة بحاراً قوياً وماهراً ويعيد مع البحارة سيرة رجال البحر الأقوياء لتستمر الحياة كما صنعها الرجال القدامى، تحية للأديب علي الشرهان على أمانته ونقل الصورة الجميلة وانسانية الفكرة والطرح