كم من موهبة لقيت طريقها إلى الوجود وانعكست ايجابياتها على المجتمع في معظم الأحوال وربما طالت الإنسانية جمعاء والأمثلة عديدة ما زال آخرها عالقاً في الذهن وهو وفاة العبقري ستيف جوبز صانع نجاحات «أبل»، ولو دققنا قليلا في الأشياء حولنا، لوجدنا العديد من الانجازات في مجالات كالأدب والفن والعلوم.. ولاحقا التقنيات التكنولوجية الحديثة كلها انطلقت من شرنقة الموهبة التي حبا بها بعض عباده عندما وجدت الظروف الملائمة لانفلاتها من عقالها.. نعيش الحاضر ونمارس روتين حياتنا بشكل طبيعي ونملك آمالاً وطموحات وتطلعات نحو المستقبل.. ونتمنى في دواخلنا أن يكون الغد أفضل ونجد البيئة المناسبة لتتبلور طاقاتنا وأحلامنا ونترجمها واقعا.. ولكن..! ترى كم من المواهب وئدت في مهدها ؟ أو طمست في بداية انطلاقتها وذهبت أدراج الرياح ؟ سواء اقترف ذلك المرء بنفسه بقلة تقديره.. أو ما جناه الآباء على أبنائهم بعدم إتاحة الظروف المواتية لنموها ورعايتها أو مدرس حيال تلميذه بسوء تصرف أو بقلة التحفيز والاحتواء.. أو حتى تصرف المجتمع نحو أبنائه نتيجة بعض العادات السلبية.. في هذا السياق وردت إلى ذهني قصة سمعتها قديما تقول «في بلدة صغيرة أعلن مفتش كبير يعمل في التعليم عن قيامه بزيارة لمدرسة ابتدائية في إحدى المناطق القريبة، وبسبب عطل في محرك سيارته بقي واقفاً في الطريق والوقت يمر، وبينما كان المفتش يقف حائراً أمام سيارته، مرّ صبي وشاهد الرجل الحائر، وسأله عما إذا كان في وسعه مساعدته؟ .. وفي وضعه الصعب أجاب المفتش: هل تفهم شيئا عن السيارات ؟ لم يُطلْ الصبي الكلام، بل أخذ الأداة واشتغل تحت غطاء المحرك المفتوح ، وطلب من المفتش تشغيل المحرك, فعادت السيارة إلى السير من جديد، شكر المفتش التلميذ، ولكنه أراد أن يعرف لماذا لم يكن في المدرسة في هذا الوقت ؟ فأجاب الصبي : سيزور مدرستنا اليوم المفتش، وبما أنني الأكثر غباء في الصف لذا أرسلني المدرس إلى البيت !... نعم ... هكذا تغتال الطاقات !، إنّ الغباء ليس في استيعاب المنهج الدراسي.. هناك نقاط مضيئة في أبنائنا لابد من تلمسها ورعايتها ربما تحقق انجازا نفخر به ... فلو أن «رذرفورد» عالم الرياضيات والفيزياء الاسكتلندي وضع مكان «بيتهوفن» لما أبدع الآخر في الموسيقى ولما تمكن «رذرفورد» من اكتشاف تركيب الذرة، ولو أن «إديسون» كما قال عنه مدرسوه فاشلاً، وبقي في المدرسة، لما تمكن من صنع 1000 اختراع أشهرها المصباح الكهربائي ... الأمثلة عديدة إذا ما الذي يحدث ؟ اترك الإجابة للتربويين في مؤسساتنا التعليمية ! في الغالب يسعى أبناؤنا للنجاح في حياتهم، ويحاولون تجنب الفشل... مع إيماننا أن الفشل لو حصل سيمنحهم فرصة أقوى للنجاح، في ظل رعايتهم بوعي، نأمل من القائمين على تلك المؤسسات إيجاد البرامج الكفيلة برعاية الميول والاتجاهات لأبنائنا واستيعاب ورعاية قدراتهم ومواهبهم.. ربما يكون بينهم من نفخر به جميعا ! jameelrafee@admedia.ae