تشكل الواجبات المدرسية للأبناء حائط صد أمام ممارستهم للعب في غالب الأحيان، فبعد يوم مضنٍ أمضاه في أروقة المدرسة، حاله يقول ألا يكفي دوام من الساعة السابعة صباحاً حتى الرابعة من بعد الظهر وهو يتلقى التعليم، لذا فهو لا يرغب في العودة للبيت ليجد مدرسة أخرى ! للأسف الواجبات تعطى للطلبة بشكل عشوائي وثقيل تشكل عبئاً على كاهل الطلبة الصغار، دون مراعاة أن هناك مواد عديدة مطالب الطفل بحل واجباتها في ساعات محدودة يعتقد الطفل أنها من حقه، ليمارس خلالها ما يرغب من اللعب، الأدهى والأمر بالنسبة للطفل أن الوالدين يمثلان دور الحارس الذي يمنع الطفل من الهروب ليجلس ويحل واجباته ! هذه الحالة التي يعاني منها أغلب أبنائنا، تستدعي أن تتعاون المدرسة مع البيت لا إلى إلغاء الواجبات بل لإيجاد طرق لتخفيف عبء الواجبات على الأبناء، خاصة ونحن اليوم في عصر تغلب عليه التقنيات وأفكار الإبداع، التي تجعل الأمور أيسر وأسهل، لمحاور العملية التربوية والتي تتمثل في الطالب، والمعلم، والمنهاج في إطار رعاية المؤسسة التعليمية، والأسرة، وان لا تكون تلك الواجبات عامل طرد، وعزوف الطلبة عن مدارسهم، خاصة وأنهم يشكلون محور العملية التربوية وعتاد المستقبل. في هذا الصدد أثبتت دراسة لمعهد ألماني، أن الواجبات الثقيلة حولت المدرسة إلى مكان غير محبب بالنسبة للأطفال، ولفت مركز دراسة شؤون الطفل «بارومتر الأطفال» في برلين، في دراسة أعلن عنها 27 فبراير الماضي، أن الضغط النفسي بسبب الإنجاز المدرسي يسلب العديد من الأطفال والشباب الرغبة في الذهاب إلى المدرسة. وقالت الدراسة إن 16% من عدد التلاميذ الذين استطلعت آراؤهم يرتبطون بالمدرسة بتجارب سلبية على الأغلب، بينما قال 15% إن مشاعرهم «متوسطة» بالنسبة للمدرسة، وذكر «كريستيان شرودر» الذي تمت الدراسة بتمويل منه أن 10 آلاف طفل في المرحلة العمرية بين التاسعة والرابعة عشرة من العمر شاركوا فيها. وأوضحت الدراسة، أن تلاميذ الصف السادس، والصف السابع يتراجع بينهم الدافع النفسي كلما دار الحديث عن المدرسة، مبينة أن الضغوط التعليمية في المدرسة لاتزال في تزايد لا يجعل كثيراً من الأطفال يرون في المدرسة مكاناً للسعادة والتعلم، كما كان ينظر إليها من قبل. وقال 87% من الأطفال والشباب المستطلعة آراؤهم إن أصدقاءهم في المدرسة يشعرونهم بأجواء جميلة وطيبة للغاية، وقالت نسبة 71% من هؤلاء التلاميذ إن الأسرة مكان جيد يشعرون فيه بالرضا، ولم يصرح بالرضا عن المدرسة كمؤسسة إلا 47% من هؤلاء المشاركين، حقيقة لا أدرى لو أُجريت مثل هذه الدراسات على أبنائنا الطلبة ما النتائج التي ستتمخض عنها بالمؤكد ستكون لافتة بكل المقاييس وسنحصل على مؤشر حقيقي إلى أين وصلنا في جانب من جوانب سياستنا التعليمية. حتى تكون خطانا ثابتة، تدفع بالأجيال إلى الأمام، لابد من ملامسة مشاكلهم، ودراسة القضايا التي تشكل تحديات أمام تحصيلهم العلمي، وهو ما يعول فيه على المجالس التعليمية وإدارات البحث العلمي في الجامعات، للوقوف على مثل تلك القضايا وإيجاد الحلول، فهم يستحقون ذلك كونهم الاستثمار الحقيقي للوطن، لنبدأ بهدوء ونثابر بإصرار، وعلى الله تحقيق التطلعات والآمال. jameelrafee@admedia.ae