في هذه الصحراء التي لا تمر في سمائها قديماً غير الغربان وطائر الصفصوف، وطيور حمام الراعبي الذي يعتلي أشجار الغاف أو السد أو النخيل. في الظهيرة، السراب مثل غدير ممتد حتى حافة الكثبان الرملية. السباخ طويلة وأمواج سراب دلالة تمد من دبي إلى أبوظبي، لا يقطعها غير بعض تجمعات أشجار السلّي أو الهرم. وحدها «غناظة» تكسر امتداد هذه البيئة بخيراتها وبحرها الهادي والجميل الذي تحيط به أشجار القرم، غير ذلك لا شيء سوى سيح شعيب وامتداده الطويل، كل هذه الوجوه الجديدة لم تكن تعرف الصحراء ولا رملها أو سباخها الطويلة، المناطق الجديدة التي نبتت من أبوظبي إلى دبي مع ناسها الجدد ووجوهها ومسمياتها الجديدة، لم تخطر على بال أحد ولم يتوقع أكثر المتفائلين بالتغير والتجديد أن يقفز البلد إلى هذا الحد، وأن يستوطن هذه الأرض كل هؤلاء البشر. ولكن الحلم الجميل كان أكبر وأجمل والعطاء كان أوفر وحب الصعود إلى العلياء كان أعظم وأبدع. هذا شارع الشيخ زايد يمتد عبر هذه المسافة التي ذكرتها ولكن الواقع شيء لا يصدقه الماضي، كل شيء حديث وجميل يمتد عبر هذا الشارع، في هذا المقهى الذي أنظر الآن من نوافذه إلى الطريق، يعبر أول مترو في الصحراء، كانت سراباً وأصبحت عالماً آخر، جميلا وبديعا. المترو، يا الله ما أجمله في المدن الكبيرة، باريس أو اليابان أو مدن الشرق والغرب، عندما يمر هناك تشاهد الجمال والإبداع والنظام، وجوه جميلة رائعة لصبايا وآخرين يجلسون بنظام وأدب كبيرين واحترام للقوانين والنظم. أشاهد الآن المترو يعبر فوق منطقة غدير الطير التي عرفتها صغيراً، حيث يمتد ماء الغدير من أول سباخ أم سقيم وحتى جبل علي، والمياه المتجمعة هناك تستمر في الفصول الممطرة حتى الصيف. والآن فوقها سيعبر المترو.. وهذه المدن تكبر والمواصلات تكثر والمحلات والمدن والقرى والمتاجر والشوارع والسيارات تكثر، ولكن كلها تحمل وجوهاً أجنبية ولغة أجنبية، هذا المترو العابر بالعمال والناس الغرباء، هل هو بجمال مترو المدن البعيدة الجميلة، هل سيكون بوجه عربي ولغة عربية، أم أن الأمر قد مضى والزمان قد جرى والمترو تركنا نجتر أملنا في القادم من قطارات!! ibrahem-mubarak@hotmail.com