* مواطن يشاهد هندياً، يبدو غاضباً منه دون أن يعرفه، فقط لشعور المواطن أن هذا الهندي لديه أموال كثيرة من تجارة الأقمشة والرز، ويضع خاتماً من ذهب في إصبعه البنصر وآخر في إبهام يده اليسرى، وسلسلة تتدلى من عنقه، يكثر سخط المواطن لأن الهندي كان يأكل ويتلذذ بالمضغ ذي النطق العالي، صورته بالنظارة الطبية المغبّشة، والقميص البيج الذي لا يتناسب وسمار بشرته الباهتة، توحي للناظر أنه من النمط البانياني المرابي، وممن يتناول بعد وجبة العشاء ذات المرق والدهن، كوكتيل فواكه ولا يبالي· ؟ عريسان جديدان أو هما في طور الخطوبة الأولى، من جنسية عربية، ثلث كلامهما الذي يبدآن به، إما حلفاً بالشرف وإما حلفاً بحياة أمه أو بروح أبيها أو بحياة حبهما أو بحياة كل شيء غال في حياتهما، بعدها وصلت الأمور إلى الحلف بالشقة التي عمّراها سوياً وهي شقة تجمع شقاء العمر، فعرفت حينها أن حياتهما الزوجية إما أيامها قليلة وستنتهي أو ستبقى ما بقيت شقة العمر· ؟ مواطن وواحد من الدارسين في أوروبا الشرقية وصديقة أنثى بينهما، في حضورها كان الكلام بين الرجلين يبدو لطيفاً وناعماً وهادئاً، وكان المواطن يحترم ذلك العربي الذي درس في أوروبا الشرقية والذي يبدو أنه بحاجة إلى عمل أو وظيفة ضرورية في الحال، أما حين تركتهما تلك الحسناء، تغير الحال وتبدل المقال، وبدأ ذلك المواطن مستشاطاً غضباً وغير قادر على التوازن ولا على التركيز، كان يريد شيئاً ما ليبقى مرتاحاً طوال الوقت، ويبقى يتذكر وعوده الكثيرة لذلك العربي الذي درس في أوروبا الشرقية · ؟ واحد جالس بائس ويبدو أنه مكتئب بلا أدنى سبب، لم يفكر أن يزور إسبانيا في صيفها المرح، ولا غشتاد أو سويسرا في شتائها الأبيض الوقور، لم يفكر أن يستقر في زاوية ليسمع عزف بيانو جميل، لم يفكر أن يصادق المدينة، ولا يتنازل عن أسراره لها، لم يخالطه شعور بأن يذهب في دنياه غير أماكن مهذبة ولا تتطلب منه المغامرة والخروج عن المألوف والشيطنة، لم يفكر أن هناك حياة أخرى خلف الجدران· ؟ واحد طويل أكثر من اللازم يربك نفسه والآخرين في إدراك تصرفاته ونتائج حركته، فهو دائماً بين اثنين وأكثر، وهو دائماً ما يقدم خطواته الخاطئة، ودائماً ما يشعر بالفراغ وبضرب الهواء البارد، لفرط طوله، غاضب لفشله في اللعب وتعثره في المراحل الدراسية، يلوم نفسه لأنه كثير الاعتذار، يرهقه تقدم عمره، وانعطاف ظهره، ورؤيته الدائمة لحذائه الطويل الأسود الممل· ؟ بريطاني قديم ما زال يحترم البنطلون البني الغامق ويخلص له، ما زال يرتدي بدل الصوف في عز ظهيرة أبوظبي، ما زال يلف سيجارته بيده ويتمتع بنكهتها، مازال حريصاً على سيارته الـ رنج روفر القديمة على ما أعتقد، مازال يريد أن يكسب من الأشياء بأقل خسائره، ما زال يريد أن يدعو تلك البريطانية من ويلز، ويغريها بليلة إنجليزية، وتدفع هي ثمن مشروباتها الزائدة ومرحها غير المحسوب على الطريقة الإنجليزية، ما زال يريد أن يحتل أجمل الأماكن بأقل الخسائر، ما زال يريد أن يستعمر الأراضي البكر دون أن يتصبب عرقاً·