عندما تواجهنا المشاكل وتغلق في وجوهنا كل الأبواب في سبيل الوصول إلى حل قضية ما، عادة ما نلجأ إلى الأكبر سناً طلباً للنصيحة، خاصة عندما تكون القضية محيرة والتعاطي معها دون نتائج، على اعتبار أن الأكبر سناً يعطي الرأي السديد، كونه خلاصة تجربة السنين، إضافة إلى الموروث الثقافي الذي يقول «الأكبر منك بشهر أعلم منك بدهر». ولكن مجموعة من الباحثين في ألمانيا أثبتت أن الحكمة لا تأتي بالضرورة مع التقدم في العمر، وأن كبار السن ليسوا بالضرورة أكثر حكمة من الشباب، حيث قالت الباحثة الألمانية أورسولا شتاودينجر من جامعة جاكوبس الخاصة في برلين «لا نستطيع غالباً التعامل مع الأشياء الجديدة بالكفاءة المطلوبة كلما تقدم بنا العمر، كما أن استعداد الإنسان للتجارب الجديدة يتراجع كلما تقدم في العمر». وتدرس شتاودينجر منذ عام 1985 مسألة الحكمة وارتباطها بالتقدم في العمر، وأجرت تجربة عملية لمعرفة مدى الارتباط بين العمر والحكمة، وعرضت الخبيرة على مجموعة من المتطوعين مشكلات أشخاص آخرين، وطلبت منهم التفكير فيها بصوت مرتفع، وسجلت مع فريقها إجابات المتطوعين، كما قاموا في الوقت نفسه بتطوير خمسة معايير للحكمة مستندة إلى كتب علمية متخصصة. وبعد عام كامل من البحث، خلصت الخبيرة إلى أن «الحكمة شيء نادر في الحياة وأن 1% فقط من بين المتطوعين الذين خضعوا للدراسة، يمكن وصفهم بالحكماء». وأوضحت الدراسة أيضاً، أن الحكمة تختفي بشكل كبير عندما يفكر الإنسان في مشكلة تخصه هو شخصياً، لأن العنصر العاطفي يغلب في هذه الحالة، وأنه عموماً لا يوجد هناك خلاف على أن الشباب هم الأكثر قدرة دوماً على الأخذ بزمام المبادرة، وتحمل المسؤولية ومواجهة التحديات. نخلص هنا، إلى أن شبابنا هم قادة المستقبل ومصدر الأمل والعزيمة، للإقبال على الحياة بروح إيجابية، وقدرة على مواجهة التحديات، لتحقيق الهدف السامي الذي تعمل دائماً من أجله القيادة الرشيدة، وهو النهوض بإنسان هذا الوطن وتوفير كل سبل الرعاية له، لثقتها بالشباب وقدراتهم التي تعد الدافع الرئيس للإسهام في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة. وفي المقابل، يتعين على الشباب القيام بدورهم لرد الجميل للوطن من خلال ثقافة وطنية جديدة، تقوم على الريادة والإبداع في مختلف مجالات الحياة، وتحصين أنفسهم من الظواهر السلبية الغريبة علينا التي بتنا نسمع عنها بين الحين والآخر... وأن يكونوا قدوة لبقية فئات المجتمع، من حيث التمسك بقيمنا النبيلة، مثل التسامح والمحبة والتكافل والاحترام وتحمل المسؤولية، للمساهمة في بناء مجتمعهم ووطنهم. jameelrafee@admedia.ae