لو قسَّمنا الرجال على العناصر، لكان لنا من ذلك تسميات كثيرة، ومنها: رجل الثلج، ورجل الثلج الأبيض مصنوع من نثار الثلج، يصنعه الناس ومن بينهم الصغار، في أثناء لعبهم، ويصنعون له وجهاً وأذنين وعينين وفماً وساعدين وساقين، وربما وضعوا على رأسه قبعة حمراء.. يلهون حوله، وربما هدموه بأيديهم أو بكرةٍ يتقاذفونها فيما بينهم، ورجل الثلج رجل أبيض وطيّب ودائماً يؤول للسقوط والذوبان. هذا هو رجل الثلج.. أما رجل الحجر، فرجل منحوت من الصخر أو الحجارة، وهو التمثال أو النصب، وربما اقتصر على الرأس أو الرأس والصدر معاً، أو لكامل قامة الرجل: رأساً وجذعاً وأطرافاً. رجل الثلج ذائب وسريع، أما رجل الحجر فصلبٌ ودائم.. ولكنْ.. حتّى متى؟ فإذا وصلنا إلى الرجل الثالث وهو رجل الماء.. فإننا نراه الأكثر ذوباناً وتهافتاً. فرجل من ماء، هو رجل من انهيار كامل كما ينهار الماء. هل يقف ويستقيم رجل من ماء؟ والرابع رجل الهواء.. والهواء هو الهباء، لقد شبّه الشاعر، مجنون بني عامر، المشتت العقل والجسد والروح، برجل من هواء، فأي الرجال هو الرجل من هواء؟ والخامس الرجل القديم الفلسفي الذي وصفه ابن سينا في مثاله عن الرجل المعلّق في الهواء. والسادس الرجل الذي من قشّ، إنه واحد من رجال القشّ، الرجال الجوف الذين سرعان ما تنشب فيهم النار فتحرقهم.. ورجل القشّ هو الرجلُ الهشّ. والسابع الرجل الآلة.. الروبوت، الذي هو زهرة التكنولوجيا وخادم الإنسان الخطير، يكتسح الحقول البشرية اكتساحاً خطيراً، وينفّذ أوامر سيّده، فهو رجل المختبر، بل لعلّه وحش المختبر الغامض، الذي يخشى أن يرتد على صانعه فيقتله. والثامن الرجل المرأة. والتاسع الرجل الشجرة. والعاشر الرجل الأفعى.. وهنا يمكن أن يسرح بك الخيال إلى ما لا نهاية، في تركيب رؤوس الناس على أجساد المخلوقات، من حجر ونبات وحيوان.. وقد قال صلاح عبدالصبور: “هذا زمن الحقّ الضائعْ لا يعرف فيه مقتولٌ من قاتله ومتى قتله ورؤوس الناس على جثث الحيوانات ورؤوس الحيوانات على جثث الناس فتحسّس رأسك فتحسّسْ رأسك”.